إيمان حمود الشمري
رغم أنني لم أكن أنوي إجراء مقابلة ولم أعد للأسئلة سوى ذهنياً، ولم أحمل أي أدوات للتوثيق، لأنني لم أكن وقتها كاتبة تمارس المهنة والفضول الصحفي وإنما مواطنة لديها شغف بالمعرفة.
في مكتب أنيق واسع يحمل صورة المؤسس الملك عبدالعزيز والملك سلمان بن عبدالعزيز وعرَّاب الرؤية الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله - تسلسل بالصور يحمل أبعاداً في حمل الأمانة لحفظ الوطن.
استقبلني معالي سفير المملكة العربية السعودية بالصين الأستاذ/ عبدالرحمن الحربي، شخص وقور، مباشر، ومتحدث لبق من الطراز الأول، يصدمك بتسلسل أفكاره وسلاسة تعبيره وإسهابه في السرد وكأنه رجل إعلام ممارس ويمتلك خبرة إعلامية، أسأله بتلقائية، ويرد ردوداً دقيقة مدروسة وكأنه كان مهيئاً للإجابة، كل من حوله يشهدون الأثر الملموس ونشاطه اللافت رغم حداثة توليه المنصب، بعد تقديمه نسخة من أوراق اعتماده.
جدول مزدحم باللقاءات مع جهات حكومية وقطاع خاص، كلقائه بمعالي نائب وزير التجارة للبحث عن سبل تطوير التعاون وتنمية العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية، كما حرص معاليه على اللقاء مع رؤساء مجلس إدارة لأكثر من بنك، كالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ورئيس مجلس إدارة بنك الصين للاستيراد والتصدير لبحث التعاون المالي، ومناقشة الاستثمارات والمشاريع التمويلية القائمة والمستقبلية بين المملكة والبنوك الصينية. ومؤخراً قام بزيارة القنصلية العامة في مدينة قوانجو، للاطلاع على أداء وسير العمل فيها ومتابعة خدمة المواطنين.
واستمراراً للقاءات المثمرة في بكين التقى بمعالي نائب حاكم حكومة مقاطعة قوانغ دونغ ونائب المحافظ لبحث آفاق التعاون والفرص الواعدة وتمكين القطاع الخاص وتحويلها إلى شراكات ملموسة، بالإضافة إلى زيارة مكتبة قوانجو اهتمام لتطوير التعاون في المجال الثقافي، وكذلك لقاء مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة هواوي للاطلاع على مشاريعهم القائمة والمستقبلية مع المملكة..
معالي الأستاذ عبدالرحمن الحربي، عين على حماية مصالح المواطنين في الصين، وعين على عمله سفيراً لخادم الحرمين الشريفين، وأباً يحمل مسؤولية أسرته.. رجل يصنع فارقاً في مفهوم الإدارة والشخصية القيادية التي تتحمَّل المسؤولية، واختيار دقيق لشخصية عملية تخطف الأنظار مع بداية المشوار وتشرّفنا بالصين، مقال واحد لا يكفي ولا يفي بنقل الصورة الحقيقية.
قبل أن أغادر مكتبه قلت له: إنني لم آت لإجراء حوار صحفي وإنما للتعرّف على معاليه عن قرب ولكن ثراء الحوار أوحى لي بنشره فهل تسمح لي بذلك؟ رد بترحيب: نعم، بكل تأكيد، مشيراً إلى أنه يرحب بالإعلام وبكل التساؤلات.
جرِّب أن تزور الوطن بالغربة، ستجد كل من يتحدث بنفس اللهجة ويحمل نفس هويتك ضمن عائلتك، انتابني هذا الشعور عندما زرت السفارة السعودية في بكين، حيث شعرت أنني بين عائلتي.. حنين وانتماء وفخر، خليط من المشاعر حاصرني وأنا على أرض من ممتلكات المملكة في قلب العاصمة بكين. طاقم عمل ودود متعاون يسعى لخدمة المواطنين ويبذل قصارى جهده لحل مشاكلهم كي يشعروا بالأمان، ويؤكد لأكثر من مرة عليك أن هناك من ينتظرك لطلب المساعدة في أي وقت، أشعروني أن لي سنداً وظهراً في بكين، ودعتهم وأنا أودع الوطن على أمل اللقاء في حفل اليوم الوطني لنحتفل معاً في الغربة.