فضل بن سعد البوعينين
دأبت رئاسة أمن الدولة في التحذير من دفع التبرعات الخارجية لجهات غير مصرَّح لها داخل المملكة، بسبب مخاطرها المرتفعة، وإمكانية إساءة استخدامها واستغلالها في مصالح شخصية، أو ربما استثمارها في تمويل جماعات خارجة على القانون.
كما أنها حذَّرت من المشاركة في رسائل أو دعوات الجهات الخارجية المجهولة، أو الاستجابة لها، أو تداولها، والتي تدعو لجمع أموال أو تبرعات لغرض المساهمة في العمل الخيري خارج المملكة.
وبالرغم من تلك التحذيرات الواضحة، والصريحة، والملزمة لجميع المواطنين والمقيمين، إلا أن دعوات التبرع للأعمال الخيرية في الخارج ما زالت مستمرة، وهناك من يستمع لها، ويشارك في برامجها المجرَّمة نظامًا، ويجتهد في ترويج دعواتها على منصات التواصل الاجتماعي ما يتسبب في الكثير من المشكلات القانونية للمغرر بهم. أما القائمون عليها فقد يكونون في مأمن من الملاحقة القانونية لتواجدهم خارج المملكة، في بعض الدول الراعية لأنشطتهم، وأنشطة التنظيمات المدرجة على قائمة الإرهاب محليًا، ما يعطيهم المساحة الكافية لممارسة أنشطتهم القذرة ضد الدول والمجتمعات المستهدفة وفي مقدمتها المملكة.
استخدام معرفات وهمية بأسماء وصور محلية من أدوات الإقناع التي يمارسونها باحترافية تنبئ بوجود دعم استخباراتي منظم لتلك الجماعات، وهو ما لا يُدركه الكثير من المتحمسين للأعمال الإنسانية. كما أن استغلال بعض المشاهير خارجيًا في الترويج لدعوات التبرع محليًا من الأدوات الرائجة.
ونظرًا لعدم توقف دعوات التبرع لجهات خارجية، أكدت رئاسة أمن الدولة على حسابها الرسمي في «تويتر» بأن الجهة المصرح لها بإيصال التبرعات إلى خارج المملكة هي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وهي رسالة هدفت من خلالها تحذير الجميع من دعوات المساهمة في حملات التبرع الإنسانية، وآخرها دعوات التبرع للصومال، والسودان.
وفقت رئاسة أمن الدولة في استخدام منصات التواصل الأكثر شعبية وانتشارًا في المملكة، والتي من خلالها تتسرب دعوات المساهمة المشبوهة، وهي بذلك ترفع الغرر والجهالة عن المواطنين والمقيمين على الأراضي السعودية، وتواجه الحملات المشبوهة من خلال المنصات المستخدمة نفسها لترويجها، وتمارس في الوقت عينه دورها التثقيفي والتحذيري لأفراد المجتمع قبل وقوعهم في مخالفات قانونية تستحق التوقيف والمحاسبة.
الرسائل التحذيرية جزء من أدوات التوعية الفعالة؛ غير أن التعامل السريع مع الحسابات والأسماء المنخرطة في حملات التبرع وفق القانون؛ يسهم بشكل مباشر في كف الأذى وحماية المواطنين من الوقوع في قضايا قانونية، وأحسب أن رئاسة أمن الدولة تقوم بدور فاعل في هذا الجانب. سهولة الضبط محليًا؛ قد لا تكون متاحة في التعامل مع الأشخاص والشركات الخارجية؛ غير أن قوانين منظمة «FATF» توفر غطاءً دولياً للتعامل مع قضايا تمويل الإرهاب وغسل الأموال ما يسهل على الجهات الأمنية متابعة المخالفين وإن كانوا من الخارج. قوانين مكافحة الإرهاب تنطبق أيضاً على الشبكات الإلكترونية ووسائل الاتصالات.
نجح مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تحقيق أهداف الدولة الإنسانية، وإعادة هيكلة المشاركات الخيرية بما يضمن وصولها إلى مستحقيها خارج المملكة، والعمل على تنفيذ مشروعات كبرى تحقق الفائدة والاستدامة، وتتميز بالموثوقية العالية والأمان. كما نجح المركز، ومن خلال منصاته الرقمية في تسهيل جمع التبرعات وفق آلية تقنية موثوقة تربط المتبرع مباشرة بالمشروعات الإنسانية التي يتم تنفيذها في الدول المستهدفة، ما جعله أهلاً للثقة، والتمكين، والاستحقاق بأن يكون الجهة الوحيدة المرخص لها بجمع التبرعات وإعادة إنفاقها في أعمال الإغاثة الإنسانية. قدرة المركز وكفاءته وموثوقيته ونجاحه في برامج الإغاثة الإنسانية خارجيًا، وقدرته الاستثنائية كمؤسسة إنسانية تدعمها الدولة وتوفر لها كامل إمكاناتها لتحقيق أهدافها الإنسانية، زادت من الثقة بمخرجاته، ما يستوجب على الجميع دعمه وجعله خيارهم الوحيد في إيصال تبرعاتهم الإنسانية الخارجية.