مها محمد الشريف
في شواهد مستقاة من تاريخنا الجمعي في مجتمعاتنا المعاصرة التي شكّلت الطوارئ المناخية تهديدًا كبيرًا على صحة الإنسان، وخصوصًا في المناطق التي يعاني فيها الناس أساسًا من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية الأساسية أو المناطق المحرومة منها، ربما يجد هذا الأمر معقوليته في الافتراض لأهميته، وفي تقرير لمؤسسة «جي إتش دي»: إن موجة الجفاف والفيضانات والعواصف الشديدة في العام الماضي تسببت في خسائر عالمية تجاوزت 224 مليار دولار، والعالم يواجه خسائر بـ5.6 تريليون دولار جراء الجفاف والعواصف والأمطار.
وأوضح التقرير أن الخسائر في الولايات المتحدة قد تصل إلى 3.7 تريليون دولار بحلول عام 2050، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنحو 0.5 % كل عام حتى ذلك التاريخ، كما تواجه الصين خسائر تراكمية قد تصل إلى حوالي 1.1 تريليون دولار بحلول منتصف القرن الحالي، يليها أستراليا والمملكة المتحدة بخسائر 312 و153 مليار دولار على الترتيب.
وهناك العديد من الأسباب ومنها تحمض مياه المحيطات التي تعتبر الأزمة الكيميائية للمناخ العالمي، وتزايد تحمض مياه سطح المحيطات بنسبة 30 % تقريباً، ستكون الشعاب المرجانية أحد أكثر ضحايا التغيّر المناخي تضرراً، كما يؤثّر تدهور النظم البيئية للشعاب المرجانية على حماية المناطق الساحلية، ومصايد الأسماك، والسياحة، ويحل في الأهمية أيضاً التصنيع، وإزالة الغابات، والزراعة الواسعة النطاق، على أثرها ارتفعت كميات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ ثلاثة ملايين عام.
ونحن الآن أمام لحظة حاسمة من منظور تطوري، فالآثار العالمية لتغيّر المناخ هي واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم، بداية من تغيّر أنماط الطقس التي تهدّد الإنتاج الغذائي، إلى ارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية، والتهديد المحدق بالثروة الزراعية بفعل تغيُّر المناخ واختلال النظام البيئي، إذ تتضافر عوامل مثل ارتفاع درجة الحرارة وزيادة معدلات الجفاف وانخفاض معدلات مياه الأمطار لتشكل تهديدًا صريحًا للإنتاج الزراعي.
أضف لها الدلائل المتحصلة من تلك الحقيقة التي جرفت الكثير من التربة وتسببت في خسائر بشرية ومادية فادحة في العديد من الدول مثل باكستان والسودان، لا شك أنها ظاهرة محزنة حد الفجيعة، وصور هلع تناقلتها وسائل الإعلام باعثة على الكدر والخوف، إن التكيّف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفاً في المستقبل إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات صارمة، إن ما ذكرناه أعلاه، يوجد الكثير من تضرر البلدان التي تعاني ويلات النزاع المسلح من تغيّر المناخ وتقلبه، قد يزيد بشكل غير مباشر من خطر اندلاع النزاع من خلال مفاقمة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية القائمة.
فمنذ اعتماد اتفاق باريس في عام 2015، شهد العالم عددًا متزايدًا من الالتزامات المتعلقة بصافي الانبعاثات الصفري من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية، ولا سيما من القطاعين الخاص والمالي، وكذلك من الحكومات المحلية والأقاليم، حدث الكثير من المؤتمرات والبرامج ومفترضات موغلة في تقدير الأمور دون نتائج تُذكر.