سهوب بغدادي
«نتعلَّم في حياتنا كيفية التعامل مع كل شيء، من الدرس للعمل والعلاقات ولكن لا نحسن التعامل مع أنفسنا، تتراكم مشكلات النفس دون أن نشعر ما المشكلة، وما الذي يؤلمنا، نصدر أحكامًا قاسية على هذه النفس دون محاكمة عادلة، تتأثر كل جوانب حياتنا ولا ندري أن المشكلة الحقيقية هي مشكلتنا في التعامل الخاطئ مع النفس!» «د. محمد إبراهيم»
إن التقليعة السائدة هذه الأيام هي تطوير الذات بالاستعانة بالدورات المجانية وغير المجانية، والكتب، والكتيبات، والمواد المرئية والمسموعة، وبلبلة المؤثّرين على مواقع التواصل الاجتماعي، والقائمة تمتد، إذ يعد تطوير الذات أمراً لازماً لكل شخص في الحياة، ولكن هل يوجد تطوير ذات بشكل مفرط؟ كان هذا السؤال مناط الحديث الأسبوع الماضي خلال جلسة حبية لمجموعة وثبة لتعزيز الثقة بالنفس، حيث انقسمت الآراء بين مؤيّد ومعارض، عبر المؤيّدين أن تطوير الذات ساعدهم في مواطن عديدة من الحياة مثل التغلّب على الخوف من لقاء الجمهور والقلق وأمور أخرى، فيما وصف الجانب الآخر تطوير الذات بالموضوع المستهلك أو الزائد عن حده، في حال أصبح الشخص يظن أنه في مستوى وعي أعلى من الجميع، وكأن ما سمع ورأى غلف عينيه بغشاوة من الوهم الآتي من عالم آخر، في نهاية اللقاء، توصلنا إلى أن الوسطية أفضل حل، فكما ذكرت في مطلع المقال على لسان الدكتور محمد من كتابه الرائع «جلسات نفسية» أن الكثير من الشيء يضر في بعض الأحيان، وأن القليل من كل شيء أفضل وأنجع بإذن الله تعالى، ولنطبّق هذه القاعدة على أغلب مواطن حياتنا، فالاهتمام المفرط خانق، والحب المفرط تعلق، والخوف المفرط رهاب وقلق، والخوف على شخص بطريقة مبالغ فيها تؤدي إلى التجسس تباعًا، والعكس صحيح، فقلة الاهتمام إهمال، وقلة الحب فراغ وخواء، وعدم الخوف اندفاع وتهور، وعدم الخوف مطلقًا على شخص يعد لا مبالاة به، فسنجد الحياة أجمل عندما نسعى إلى المنتصف، حيث تتوازن كفتا الميزان، لا يمينًا ولا شمالاً، بل المنتصف، حيث تمسك بزمام الأمور وتوازن بين الكفتين، الجدير بالذكر أن الكتاب تضمن نواحي أخرى مثل السعي لإرضاء الآخرين والإفراط في اللطف، فتذكرت ما دار من سجال الأسبوع الماضي حول تطوير الذات وكل ما يرتبط به، وها هي الإجابة وإن كانت لا تتوافق مع الجميع ولكنها الأقرب إلى السكينة النفسية.