عبد الله سليمان الطليان
بين فترة وأخرى يخرج إلينا من يشكك في مقولة أو حدث من حيث المعنى والقصد، ولا يبين لنا بشكل قاطع معتمداً على الأدلة والبراهين الدامغة كيف حصل هذا الشك، يبقى الأمر أحياناً مجرد تخمين أو حدس من قبل من تنقصه الثقافة الرصينة المعمقة المفتقدة إلى الشك المنهجي العلمي مثلما يطرحه الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت الذي يعتمد على تبصر العقل، فيضع أشياءً كثيرة محل الشك وتسقط في هذا الاختبار وبالتالي يستبعدها تمامًا لأنها لم تصل إلى درجة اليقين والوضوح والتمايز الذي يبتغيه. وهو يرفض شهادة الحواس لأنها دائمًا ما تخطئ، ودائمًا ما تكون الحواس عرضة للأوهام أو الاعتقادات الخاطئة، ويذهب ديكارت في ذلك إلى أنه (من الحكمة ألا نثق في الذي خدعنا ولو لمرة واحدة).
وإذا ابتعدنا عن منهجية الشك وأخذنا أهمية الأثر على واقع المجتمعات العربية والإسلامية بكافة مستوياتها الثقافية، لوجدنا في بعض منها وخاصة من ناحية الدين أو التاريخ أنها تمثّل أحياناً خطراً كبيراً على وحدة وتماسك المجتمعات العربية والإسلامية على حد سواء، التي تعيش في وقتنا الحاضر هجوماً شرساً من قبل الإعلام الغربي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي اتخذت ذريعة لكي يحرف فيه الإسلام بشكل متعمد من قبل كتاب وإعلاميين غربيين الذين راحوا يشوهون صورة الإسلام، بنبش الماضي الذي سبقهم إليه بعض المستشرقين الذين أبدعوا في التلفيق والتحريف، وإعادة طرحه وفق فكر يقوم على تعميق الشك وكذلك زيادة تشرذم هذه المجتمعات وإضعافها، الطامة الكبرى مع الأسى والأسف هو أننا نجد من يتفق أو يتعاطف مع طرح الغربي الثقافي والإعلامي من قبل كتَّاب أو إعلاميين منتمين للمجتمعات العربية والإسلامية، الذين بعضهم مسيرون ومهجنون لا يملكون إرثاً ثقافياً حقيقياً ناصعاً، يعطيهم الإعلام الغربي مساحة واسعة في الظهور الإعلامي لكي يبحث عن زخم قوي في تأصيل هذا الشك وكذلك إعطاؤهم شهرة فجة هم يبحثون عنها من خلال تصويرهم على أنهم يمثِّلون النخبة المستنيرة التي تمتلك رقياً فكرياً في داخل المجتمعات العربية والإسلامية.