ميسون أبو بكر
رحل غالب كامل الذي يعد من أقدم مذيعي التلفزيون السعودي، وقد استوطن ذاكرة أجيال لم تنسه وذكرى لم تمح حتى بعد مرور سنوات على غيابه عن الشاشة «ومايك» الإذاعة.
هكذا هم الرائعون الذين يتركون أثرهم وعطر مسيرتهم، حيث مشوارهم عصيّ عن النسيان، فغالب كامل الذي يعد من نسيج هذه البلاد - المملكة العربية السعودية- وإرثها الإعلامي والتي احتضنته في مجده وفي مرضه، في جدّه وفي وهنه، وحملته لها على جناحي السرعة ليتلقى العلاج في مستشفياتها وتحت رعاية ولاة أمرها وليس بغريب على البلد المعطاء الذي لا يُسقط من أجندته أحباءه الذين كانوا يوماً من أفراده الأوفياء له، فكما حدثني ابنه البار رائد أنه تكاتفت جهود الأطباء في المملكتين العربية السعودية والأردنية لنقل المريض إلى الرياض، حيث أمر الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بنقله لتلقي العلاج، وسخّرت كل الإمكانات لذلك بمتابعة سفير المملكة في الأردن معالي نايف بن بندر السديري وبمتابعة يومية من وزير الإعلام المكلَّف معالي د. ماجد القصبي، حيث أثلج صدر ذويه هذه العناية والرعاية واتصال أصدقائه وأصحاب السمو والمعالي للاطمئنان عليه كذلك تفاعل جمهوره ومتابعيه على تويتر.
في غمرة حزننا على الفقيد غالب كامل كان ما رواه لي ابنه البار السيد رائد عن قصص محبة ووفاء وذكريات أبيه مع ملوك هذه البلاد كرذاذ مطر صيفي أنعش أرواحنا الحزينة لغيابه، وهو عهدنا برجال هذه البلاد الطيّبة، ففي إحدى المرات كان الراحل ضيفاً على ولده رائد وقد ذهب مع سائقه بعد قدومه من عمّان لزيارة أمير الرياض آنذاك والسلام عليه الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ وحين مر رائد مع سائقه بعد سنوات من قصر الملك في عرقة تهلَّل السائق وقال ببهجة غامرة لقد أتيت بوالدك إلى هنا لزيارة الأمير، وقد سمحوا لنا بدخول السيارة إلى ساحة القصر بأمر من صاحبه تكريماً لأبيك الضيف»، وهي عادة ولاة الأمر في المملكة الذين يكفلون الناس بمحبتهم وتقديرهم.
كان غالب كامل يقول لأبنائه دوماً «أي حاجة تفقدها ممكن تتعوَّض ما عدا شيء واحد لا يمكن تعويضه وهي السمعة الطيبة التي أوصى بها أبناءه؛ وكان يردد دوماً» ورثت ثروة لا يملكها الجميع.. محبة الناس».
لقد أشرع الراحل باب منزله للجميع وللإعلاميين الأوفياء الذين كانوا يترددون عليه في عمّان وكانوا يبتهجون بلقائه والتقاط صورهم التذكارية مع هذه القامة الإعلامية الكبيرة الأثر، ومحبتهم كانت رأس ماله وزوّادته بعد تقاعده وترجله عن الإعلام وأضواء الشهرة.
حمل صديق الراحلين قنديلاً ومضى يلحق بكوكبة من زملائه ورفقاء دربه الذين وافتهم المنية قبله، ولم تنطفئ قناديلهم بعد رحيلهم، بل ظلت برامجهم وذكراهم قناديل تضيء في غيابهم وتذكر بهم.
رحم الله فقيدنا وألهم ذويه وأحبته الصبر والسلوان وذاكرة لا تشيخ وجميل لا ينسى.