بدرية المعجل
التغيير بمفهومه البسيط يعني (بدل الشيء) أو (انتقل من حال إلى آخر) ويُعرف أيضاً بأنه عملية تنتج عنها مجموعة من الأشياء، أو الأحداث الجديدة، والتي تستقر مكان أشياء قديمة، ومن تعريفاته الأخرى الاستجابة لمجموعة من العوامل المؤثرة على شيء ما، وتؤدّي إلى تغييره من حالته الراهنة إلى حالة أكثر تقدماً، وتطوراً.
والتغيير هو سنة الله في الكون فلا شيء يبقى على حاله إما بفعل العوامل الطبيعية أو بفعل الإنسان أو الكائنات الحية الأخرى، والإنسان بطبعه يحب التغيير من أجل الوصول إلى أهدافه ليصبح في حالة أكثر راحة وسعادة واستقراراً، ولكن هناك قاعدة ثابتة للتغيير وهي أن لا يمس هذا التغيير الثوابت والقيم والأخلاق التي تربى عليها الإنسان والتي يحافظ بها على كرامته ويحمي بها نفسه نحو الانزلاق في متاهات الضياع ليفقد مكانته واحترامه في مجتمعه.
وللإنسان الحرية في تغيير ما يجعله أكثر رقياً وتطوراً والسعي نحو ذلك بقوة وثبات، والتغيير يحتاج إلى عقلية متحررة تغذيها الانفتاحية على الآخر والاطلاع على تجارب الآخرين المختلفة والتفاعل معها وتقبل المفيد منها وكذلك على العلاقات الإيجابية مع الناجحين والمؤثرين من حولنا والتعرف على الثقافات الأخرى وتقبل الطرف الآخر واحترامه وتقبل وجهات النظر المختلفة وتطبيق ما يتلاءم مع طبيعة الحياة والبيئة المحيطة بنا، ويقاس مدى تقبلنا للتغيير الذي يحدث حولنا على مدى المرونة العقلية التي نتصف بها.
ومن أهم العوامل التي تساعدنا على قيادة التغيير وتقبله القراءة الدائمة والاطلاع الدائم على ما يدور حولنا من أحداث، فالذي لا يقرأ ولا يحلل ولا يستعمل فكره لن يتغير ولن يتقدم وسوف يقف موقف المناهض لكل تغير يحدث حوله، وسوف يحارب كل تغيير ويذمه دون تروٍّ أو تفكير ،ونجده بعد سنوات يطبق هذا التغير بشكل بطيئ بعد أن تعب من المعارك التي خاضها في الحروب ضد التجديد والتطوير الذي حدث حوله، وهذا مخالف لأمر الله في التفكر والتبصر فيما حولنا لنحمل راية التغيير لعمارة الأرض ونفع أنفسنا ونفع مجتمعنا, فالحياة لا تتوقف والشمس تشرق كل يوم بأشعتها لتفتح لنا الآفاق لنسعى لنتحرك ونسعى ونغير قال تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} ففي هذه الآية الكريمة دعوة للسير في هذه الأرض والتي جعلها الله سهلة للسير فيها والبحث عن الرزق والحياة، لذلك ينبغي لنا أن نسرج رحالنا ونرتحل عبر الآفاق لنصنع التغيير الإيجابي في نفوسنا أولاً وفي الحياة من حولنا، لنعمرها بالخير والفائدة ولنجعل أرواحنا عامرة بالخير والعطاء والإيجابية فمن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.