الثقافية حاوره - علي القحطاني:
المبدع والروائي خالد اليوسف له شغف بمتابعة ورصد كل ما يُنشر عن الإنتاج الإبداعي والروائي والقصصي في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال الأربعين عامًا الماضية وكان ينشر تلك الإحصائيات والببلوجرافية الموثقة لسنوات طويلة عبر صحيفتي «الجزيرة « و»المسائية» وفي حوار مع اليوسف للجزيرة الثقافية تحدث فيه عن احتفاء الصحافة السعودية في مرحلتيها «الأفراد « و»المؤسسات» بالإبداع القصصي، وكانت هي موطن الإبداع النثري والشعري كما تحدث أيضًا عن مواراة القصة واختفائها أمام نجاحات الرواية وعن قلة البحث والدراسة والتجاهل من قِبل النقاد تجاه القصة القصيرة.. إلى جانب موضوعات مهمة أخرى تجدونها في نص الحوار:
- تمر القصة القصيرة في المملكة بحالة ركود ما سبب ذلك؟
من خلال متابعتي الدقيقة جدًا لحالة القصة القصيرة في المملكة أرى أنها ليست في حالة ركود أبدًا وتسير بحراك متجانس ومترابط ومتواصل وليس به صعود ولا نزول ولكن شبه ثابتة الخطأ مع وفرة الإنتاج والعطاء وتجدد الأسماء.
- كثيرًا ما تكون الغلبة للرواية، لتتوارى القصة خلف نجاحات الرواية، فهل ينذر ذلك التراجع بأفول القصة ومن ثم اندثارها؟
لا.. هذا غير صحيح أبدًا لذلك ويتضح لنا من هذا الإنتاج الذي أعتقد أنه يتجدد في كل عام وهناك أسماء تأتي تثبت جدارتها وحضورها، وفي إحصائية قمت بها في هذا العام لعددٍ من كُتّاب القصة القصيرة والذين أتوا بعد صدور كتابي»أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» الذي صدر عام 1430هـ/ 2009 م إلى هذا العام يعني نهاية 2021م تجاوز عددهم 400 كاتب وكاتبة، وهذا يدل على أن القصة القصيرة تظل متحركة ومنتجة ولا يُخشى عليها أبدًا ولذلك أنا الآن بعد هذه الأرقام قررت أن أصدر الجزء الثاني الخاص بي من مسودة كتابي القادم «أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» وبدأت فيه بالفعل وإن شاء الله قريبًا انتهي من تجهيز هذا الكتاب وأملي أن يكون مماثلاً للجزء الأول الذي صدر قبل 12 عامًا.
- كان للقصة وهج في الثمانينيات الميلادية، إلا أن ذلك الوهج بدأ في التراجع تدريجيًا حتى وصلنا إلى مرحلة الركود الآن، فهل نحن مقبلون على تشكل جنس أدبي جديد أم موته؟
أؤكد أن القصة القصيرة ستبقى كما هي قصة قصيرة حتى لو ظهرت كتابات أخرى كما تسمى مثلاً كتابة «النصوص» أو» السرد» أو سميت بأسماء مترادفة ويعني مسمى السرد : الحكاية والحدث والخبر ولا تخرج تلك المسميات عادة إلا من عباءة القصة القصيرة وأصدرت في العام الماضي تقريبًا كتاب الجزء الأول عن (100 قصة قصيرة سعودية) صدر عن نادي الحدود الشمالية وأما في صفحاته التي تقترب من 400 صفحة ويحتوي على أكثر من مائة وقصتين هذه النصوص تعد من أفضل وأجمل وأميز وأجود القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية وربما يكون هناك جزء آخر يتضمن أيضًا مائة قصة قصيرة من جماليات أو روائع القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية.
_ على الرغم من غزارة النتاج القصصي في الأدب السعودي، برأيك لماذا قوبل بقلة البحث والدراسة والتجاهل من بعض النقاد والتركيز على أسماء معينة؟
هناك عدد كبير من الدارسين درسوا القصة القصيرة واهتموا جدًا بمعطياتها ومنتجاتها وصدرت عشرات الكتب حول القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية سواء الكتب الأكاديمية أو لعددٍ من الباحثين والدارسين المتخصصين في دراسة فن القصة القصيرة لكن هناك ظاهرة هي التي ربما سببت الانجذاب إلى الرواية وترك القصة القصيرة وهي النص المجموعة الواحدة أي أن لدي إحصاء وإعداد قائمة طويلة جدًا يصل عددهم إلى 300 قاص من خلال هذين العقدين لم تصدر من هذه القوائم إلا على مجموعة واحدة؛ المجموعة الواحدة معروف أنها لا تبرز التجربة ولا تبرز الموهبة القصصية لابد أن هناك تجربة عميقة تكون على مساحة مجموعتين أو ثلاث أو أربع مجموعات القاص أو القاصة حتى يصبح للقاص أو القاصة له صوت متميز وعلامة بارزة في الساحة القصصية وربما تتفوق القصة في المملكة على عددٍ من كتاب القصة في عددٍ من الدول العربية.
_ يرى بعض مؤرخي الأدب السعودي أن القصة القصيرة ولدت في أحضان الصحافة، وكان ذلك في مرحلة تاريخية مهمة ما بين الحربين العالميتين والآن تشكو الصحافة الورقية من اندثارها أمام الموجة أمام الإعلام الجديد والسوشيال ميديا..والتساؤل إلى أين تتجه بوصلة المبدعين الجدد؟
الصحافة كانت هي موطن الإبداع النثري والشعري وطبعًا بعد الحرب العالمية الثانية القصة القصيرة وأواخر الخمسينيات والستينيات ونشأت القصة القصيرة في صحافة الأفراد ثم صحافة المؤسسات، وذلك من خلال الملاحق والملفات الصحفية ولكن بعد عام 1997م الذي شهد انطلاق الإنترنت في المملكة بدأت تُكوّن مجموعات كثيرة جدًا للحد من الاحتفاظ بمنبرية القصة القصيرة ومنها موقع القصة العربية لجبير المليحان، وانطلق منذ بداية العقد 2000 م إلى 2010م أما أنا عندي شخصيًا أوجدت منبره تحت مسمى نادي القصة السعودي انطلق عام 2012 م وإلى هذا اليوم، وهذا المنبر ينشر يوميًا قصة قصيرة سعودية وعربية وتجاوز عدد كتاب القصة القصيرة فيه إلى 1800 كاتب وكاتبة، بالإضافة إلى أن جميع الوسائط الإلكترونية خدمت القصة القصيرة سواء عن الـ WhatsApp الذي Instagram أو المواقع الشخصية عبر الإنترنت و الـ Facebook وتويتر هي منابر أيضًا لنشر القصة القصيرة حتى نجد أن الصحافة نفسها اندثرت ورقيًا وتحولت إلى الوسائط الاجتماعية الجديدة..
_ ما أول سنة جمعت فيها المعلومات من الكتب الأدبية الصادرة في العام نفسه الذي تكتب عنه، وهل استعنت فيما بعد بآلية الفهرسة والإحصاء التي تلجأ إليها المكتبات عادة في هذا المجال؟
بدأت منذ أربعين عامًا وأنا أشتغل وأعمل على أعمال البيلوجرافية في الإبداع والرواية والقصة القصيرة في المملكة، وذلك في صحيفة المسائية في منتصف الثمانينيات ثم تواصلت معي في قوائم متعددة في الدوريات والصحافة واستقر نشرها في صحيفة الجزيرة التي افردت لي شخصيًا صفحة واحدة ومن ثمّ صفحتين وثلاث صفحات لسنوات طويلة حتى عام 2013 ميلادية، بعدها أصدرتها على شكل كتاب مستقل وتتنوع مصادري في جمع المعلومات من المكتبات العامة ومن خلال الاستفادة مما يرد إلى مكتبة الملك فهد الوطنية والاتصال شخصيًا بجميع الأدباء والأديبات والمنتجين والمنتجات ودور النشر والحث الآلي عبر الإنترنت ومعارض الكتب أؤكد أن جمع المعلومات ليست سهلة وهي متعددة ومتفرعة الحمد لله، وهذا أهم شيء أنها تخدم ساحتنا الثقافية والأدبية والعلمية وتكون مرجعًا لكل دارس /ة في المملكة عن حركتنا الثقافية في المملكة.
** **
@salqahtani_ali