القول باندثار فنّ القصة القصيرة غير صحيح البتة، الفنون يخفت وهجها الأول هذا صحيح، القصة القصيرة كانت متوهّجة في الثمانينات الميلادية أكثر من توهج الرواية الآن، وهذا -في رأيي- مصير وهج الرواية وسطوعها الحالي، ثم عودتها للركود بعد كلّ هذا الاندفاع والبروز، فليس نشاط الرواية هذه الأيام مثله قبل عامين.
ومما زاد في إشعال وهج الرواية وانتشارها هو تلك الجوائز الكثيرة التي ترصدها الأندية الثقافية ووزارات الثقافة والمراكز الثقافية، كجائزة البوكر وما دونها من جوائز تُغري الكتّاب في التسابق نحو الفوز بها أو على الأقل في القوائم الطويلة والقصيرة، وهذا التشجيع الدافع لا يحظى به كتّاب القصة القصيرة إلا في القليل والنادر .
القصة القصيرة لها عشّاقها وكتّابها، وما مغادرة كتّاب القصة القصيرة وتجريبهم كتابة الرواية إلا رغبة منهم في تخليّد أعمالهم الإبداعية، فالرواية (الحقيقية) تُخلّد كتّابها عكس القصة القصيرة نوعاً ما، وهذا -في رأيي- ما دفع توافد كتّاب مجالات أخرى - غير أدبية - لكتابة الرواية، فكتبها الأطباء والاقتصاديون والسياسيون ورجال الأعمال وسواهم مما أحدث زخماً في الإصدارات وإن كان معظم كتابات هؤلاء هي سيّر ذاتية روائية.
ومما أظنّه في المستقبل هو ركود انتشار الرواية، إذ تساقط المجرّبون الجُدد، واندثرت محاولات بعض ممن لا يملكون موهبة هذا الفن، فلن يبقى بعد ذلك سوى الكتّاب الموهوبين لهذا الفن، وبالتالي ستبزر القصة القصيرة وتعود لمكانتها فناً جميلاً مستساغاً مواكباً الحركة الأدبية والثقافية في المملكة وفي العالم العربي.
** **
- عبدالكريم بن محمد النملة