د.شريف بن محمد الأتربي
قبل بضع سنوات ظهرت تقنية «البلوك تشين» أو سلسلة الكتل، والتي يطلق عليها مجازاً: دفتر الأستاذ الرقمي، والتي يتم من خلالها تسجيل المعاملات. والبلوك تشين blockchain هي التقنية مفتوحة المصدر قابلة للبرمجة وغير القابلة للسيطرة أو التحكم فيها وهي في الأساس دفتر تسجيل رقمي للمعاملات التي يتم تكرارها وتوزيعها عبر الشبكة الكاملة للنظام على في كتل السجلات المشفّرة كل واحدة فيهم عبارة عن كتلة Block تكون مربوطة فيما بينها ومؤمنة بشفرة خاصة Cryptography، وكل كتلة تحتوي على هاش Hash وهو عبارة عن خوارزمية رياضية تقوم بتسجيل جزء صغير من البيانات الخاصة بالتعاملات المدرجة في السجل ككل، وتكون مشفّرة بشفرة جزئية من الشفرة الكلية التي يتم بها تشفير سلسلة الكتل المكونة لسجل المعاملات والكتل الكلي، وتعرف قاعدة البيانات اللا مركزية التي يديرها العديد من المشاركين - كما يحدث في البلوك تشين - بتقنية دفتر/ سجل المعاملات الموزع Distributed Ledger Technology أو ما يرمز له بـ(DLT).
وفي تقرير للأم المتحدة أشار إلى أن تقنية سلسلة الكتل «البلوك تشين» لا تزال جديدة وستتطور عدة مرات قبل أن يتم دمجها بالكامل في المجتمع وأنشطة المختلفة. لقد مرت العديد من التقنيات بمسارات تطورية مماثلة قبل الانتشار مثلما حدث مع إنترنت الأشياء، والهاتف المحمول وحتى الإنترنت نفسه. كل واحدة من هذه التقنيات مرت بعدة مراحل مختلفة قبل أن يتم دمجها واستخدامها بشكل كامل داخل المجتمع. لقد عانت أغلب هذه التقنيات للتغلب على الكثير من العقبات التقنية والاجتماعية والسياسية حتى تضمن وجودها داخل أنشطة المجتمعات المتعدّدة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو التعليمية أو ... إلخ من الأنشطة.
ومن ضمن المجالات التي سعت إلى الاستفادة بمثل هذه التقنيات؛ المكتبات ومراكز المعلومات، وقبل ذلك استخدمت هذه التقنية في المجال الأكاديمي، حيث طبّق في مجال إصدار الشهادات ومراقبتها والتحقق من صحتها وأيضاً مشاركتها، كما استخدمت في التقييم النهائي لنتائج التعلّم وحفظ وتخزين درجات الطلبة، كما شمل استخدامها في المجال الأكاديمي أيضاً الدورات التدريبية عبر الإنترنت.
وفي مجال المكتبات ومراكز المعلومات تحديدًا؛ اقترح استخدام هذه التقنية كإحدى أدوات إدارة الحقوق الرقمية، وبناء نظام بيانات وصفية محسّن للمكتبات يعتمد على طبقتين، تشمل الأول منها البيانات الكاملة للتسجيلة الرقمية، والثانية تشمل اختصاراً لهذه التسجيلة، ويمكن للمكتبات الاختيار بين أي من الطبقتين لاستخدامها في فهارسها، إلى جانب حماية حقوق البيع الرقمية الأولى.
كما سمحت تقنية البلوك تشين أيضاً بمشاركة المكتبات لقواعد بيانات المعلومات الرقمية للمواد الموجودة لديها، بحيث مشاركة المعلومات وتسويتها بشكل مستمر عبر توظيف هذه التقنية، وبحيث لا يسمح بإجراء أي تعديل من قبل طرف واحد.
وبالنسبة للمستفيدين، يمكن تخزين سجلاتهم عبر استخدام تقنية البلوك تشين أيضاً، بحيث يمكنهم التحكم في سجلات التداول الخاصة بهم، وإدارة سجلات تصفحهم عبر موافقة الطراف الأخرى في سلسة البيانات.
ما زالت تقنية البلوك تشين لم تفصح عن كل إمكانيتها وفوائدها في التطبيق والاستخدام، خاصة مع دمجها بالتقنيات الأخرى مثل: تعلّم الآلة، والذكاء الاصطناعي، وكلما تقدمت هذه التقنية، ضمنا الحصول على بيانات ومعلومات صحيحة وموثوقة بنسب تكاد تصل إلى 100 % في حال كانت البدايات صحيحة.