أ.د.عثمان بن صالح العامر
مع أهمية منظومة كليات جامعاتنا السعودية المختلفة: الصحية والتقنية والهندسية والإدارية والشرعية والاجتماعية والتطبيقية، الإنسانية منها والعلمية، و... فإنّ لكليات الطب خصوصيتها وتميزها عن باقي مفردات المنظومة المختلفة، فهي بمنزلة الرأس من الجسد، ولا يمكن لهذا النوع من الدراسات المُعمَّقة والمتخصصة أن يتطور ويتقدم ويخرِّج أطباء أكفاء إلا إذا تيسّر وجود بيئة تدريبية مثالية، تُكسب الطالب مهارة الممارسة الطبيّة الصحيحة التي ننتظرها في أطباء المستقبل، ولذلك كان الجزم مني بأن المستشفيات الجامعية التي تم اعتمادها في مدننا الجامعية في مرحلة سابقة - وما زال البعض منها في مرحلة التشييد والبناء على اختلاف فيما بينها من ناحية الإنجاز - أقول: لم يكن الجزم مني بأن هذه المستشفيات مشاريع إستراتيجية مهمة إلا للأسباب الآتية:
* ارتباط كليات الطب والكليات المساندة بالمستشفيات الجامعية ارتباطًا عضويًّا عالميًا معروفًا، بل إن هذا النوع من المستشفيات يعدّ في عدد من الدول المتقدمة أهم الصروح البحثية والعلاجية في العالم.
* ضعف البيئات التدريبية التي يتدرب فيها طلاب وطالبات الطب والعلوم الطبية في كثير من المناطق؛ إذ إن البعض من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة ليست مؤهلة لتكون مقاراً للتدريب، الأمر الذي اضطر عدداً من جامعاتنا الناشئة إلى إبرام اتفاقيات تعاون وعقود خدمات مع مستشفيات محلية في العاصمة الرياض أو جدة أو المنطقة الشرقية، فضلاً عن المستشفيات الجامعية الخارجية.
* كثرة المتدربين في التخصصات الصحية المختلفة، الأمر الذي يعيق الأطباء والمتخصصين العاملين في المستشفيات الحكومية التي تستقبل المتدربين عن القيام بواجبهم إزاء مرضاهم بالشكل الكامل، وفي ذات الوقت متابعة المتدربين والإشراف عليهم إذا لزم الأمر ذلك.
* التطلع إلى أن تكون هذه المستشفيات رافداً أساسياً لما هو قائم من مستشفيات في هذه المناطق، تقدم خدماتها الصحية لهذا الجزء من الوطن المبارك المعطاء، خاصة أعضاء هيئة التدريس والطلاب، مما سيكون سبب جذب للكفاءات التدريسية في المناطق البعيدة عن العاصمة الرياض.
* تقليل الضغط على المستشفيات الكبرى الموجودة في المدن الرئيسية الثلاث المعروفة، والتي يحال لها كثير من الحالات المستعصية كما هو معلوم.
أجزم أن تشغيل هذا الكم من المستشفيات الجامعية في مناطق وطننا العزيز المملكة العربية السعودية، ودعمها مادياً ومعنوياً، وتوفير الكوادر المتخصصة، والكفاءات الفنية المدربة، يحتاج إلى ضخ أموال طائلة في ظروف مالية صعبة لا تخفى على أحد، ولكن الأثر والمردود المنتظر من هذه المشاريع التنموية المهمة قد يمنحها الأولوية على غيرها، ويجعل لها أحقية السبق.
دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.