د.سماح ضاوي العصيمي
تقود السعودية مشروعاً إنسانياً عالمياً ضخماً يقوم على دعائم السلام وأسس التعايش بين الشعوب كمنظومة أخلاقية للعقد الإنساني الأصيل، وتقديم مبادرات ثقافية مجربة لاستيلاب كل أهداف خطب الكراهية والتطرف، وتعرية حقيقتها ومحاولات توطينها في أخصب ظروفها، والتحذير من التساهل مع فرص محتوى هذه الخطابات.
ومن السعودية أُطلق مبكرًا عام 2012م مسارات أكاديمية متنوعة من المشتركات الدينية والثقافية المتمثلة بمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) كخارطة واقعية في توظيف المشتركات الإنسانية في تعزيز احترام التنوع بقوانين تقوم على العدل بين الأمم. وتُعد فيه المملكة العربية السعودية من الدول التي تعمل على تفعيل دور القيادات الدولية والدعوة إلى استقطاب الخبراء في بناء الجسور السلمية بين الساسة والقادة الدينيين، فكل محفل دولي تقدم السعودية مبادرات أو حلول لاستدامة التنوع البشري على اختلاف الأديان والأعراق والثقافات والملكات الفكرية.
فالتحديات الفكرية الحاضرة للمكتسبات الإنسانية وتفاعلاتها قد تحول إنسان الحداثة والتنمية إلى إنسان الجهل والعنف، ومن عالم منفتح إلى عالم لا يقبل التغيير أو التطور؛ فشعارات رفض الآخرين قد يقود المجتمعات إلى حياة الكهفنة والتجميد وبالتالي إلى الضعف والاضمحلال، وقد نبهت القيادة السعودية إلى الطرق التي قد تنتهجها الفرق الفكرية المتطرفة في تمزيق أي مشترك إنساني خاصة في الأماكن الملتهبة والمتوترة كمنصة انطلاق ثقافي متطرف إلى شعوب العالم، وللسعودية تجارب في محاربة الإيديولوجيات المتطرفة ضد المكون الإنساني والديني المعتدل والتي أثبتت الحكومة السعودية جدارة اجتثاثها ومعالجة جذورها باستراتيجيات نفسية وإصلاحية وقانونية وأمنية ناجعة.
من الملمح أن المملكة العربية السعودية قد استشرفت مبكرًا مشتركات شعوب العالم خاصة في المجال الاقتصادي والذي يقوم على مبدأ (الإنسان أولاً) وقد تجلى في عين العالم عام2020م في مخاض (كوفيد - 19) تسخير كل الإمكانات السعودية لحماية صحة المواطن والمقيم والحفاظ على مستوى توفير الغذاء والدواء، وأولوية حماية الإنسان -صحيًا وغذائيًا وتعليميًا- على مصالح ومشروعات اقتصادية عديدة، ومد العون الإنساني خارج حدود الوطن من جسور الأكسجين في الهند وغيرها كجسر إنساني ثقافي... واستثماري في مشتركات ثقافية لاحقة ومستقبلة، فالوعي السعودي الحكيم يُدرك أن التعاون الإنساني والتبادل الثقافي في مختلف الظروف والأحوال العالمية المتغيرة العالمية؛ هو مكافحة لوجستية ضد من يقوض أي مشترك إنساني ورسالة من السعودية إلى العالم فحواها: إن التفاعل بين المشتركات الإنسانية المتنوعة هو سمة بشرية في عمارة الأرض ووحدة بناء حياة شعوب العالم.