عبد الله سليمان الطليان
ركزت الفلسفة في بداية عهدها على يد سقراط وأرسطو والكثير من اليونانيين في الحث على الفضيلة الأخلاقية من خلال تهذيب النفس والارتقاء بسمو العقل عن طريق المعرفة، وأن الإنسان يجب لا يكون عبداً لشهواته ونزواته، شكلت هذه الفلسفة محوراً أساسياً لدى كثيرٍ من المجتمعات التي نهلت منها وخاصة المجتمع الغربي، الذي تعمق في تبنيها مع الوقت، مما أثرت في واقعه إلى حدٍّ كبير، ومع مرور الوقت والتطور البشري، راح هذا التأثر يفرز فلسفات حديثه على يد العديد من الفلاسفة مثل كانط وهيجل وديكارت وبيكون وسارتر ونيتشه ولوك وراسل وهيوم وماركس، الذين لم يتوقفوا عند الفلسفة اليونانية أو الإغريقية القديمة، بل أثروا الفلسفة الحديثة بجوانب مهمة في حياة المجتمعات البشرية، كانت الأخلاق والسلوك الإنساني حاضرة بقوة في تلك الفلسفات الحديثة التي غيرت في بعض منها نظرة الغرب إلى المجتمعات الأخرى، وخاصة بعد نظرية تشارلز داروين (الانتخاب الطبيعي) التي شكلت تحولاً جذرياً في الفكر الغربي في مفهوم الأخلاق والفضيلة عند العديد من الفلاسفة من أمثال نيتشه وهيوم الذي طبقها على الجنس البشري، وكيفية ارتقاء وتفوق الجنس الآري على بقية الأجناس الأخرى من مختلف الشعوب، والذي اتخذه الاستعمار الغربي ذريعة على أنه هو الأحق في الاستحواذ على خيرات الشعوب وخاصة الزنوج في إفريقيا بحجة أنها متخلفة، والتي لا تملك فكراً راقياً كما تمتلكه المجتمعات الغربية، لذلك يجب الاستيلاء على تلك البلاد المتخلفة ومواردها وتوجيهها في خدمة المجتمع الغربي المتفوق.
لازالت نظرية داروين (الانتخاب الطبيعي) حاضرة حتى يومنا لدى العديد من فلاسفة العصر الحديث في أوروبا وأمريكا، نجد أن بعضاً منهم وقعوا في حيرة في مسألة الأخلاق لدى الإنسان، لأن النظرية تشمل جميع الأحياء وليس البشر وحدهم وبدون استثناء من جنس إلى جنس آخر ولا ترتبط هذه الأخلاق بالرقي في الفكر على الإطلاق الذي يتعصب إليه هؤلاء الفلاسفة من خلال هذه النظرية، هناك من بعض الفلاسفة من لم يتأثر بهذه النظرية مثل الفيلسوف بيرتراند راسل الذي كان داعياً للسلام ركز على الأخلاق وسلوك التعامل بين البشر في الكثير من عطائه الفلسفي، حيث جعل من الأخلاق والفضيلة أساساً للقضاء على الشر عندما يتم نشرها وتطبيقها في واقع المجتمع البشري.