«شفاعة الأمير فهد بن سلطان تسهم في تنازل عودة العمراني عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى».. مرة أخرى نقرأ في المسار نفسه «بعد جهود الأمير فهد بن سلطان وعدد من الداعيات في المنطقة سيّدة تعفو عن قاتل ابنها في تبوك».. وعلى المسار نفسه قرأنا «اهتمام ورعاية الأمير فهد بن سلطان أنقذت الشاب عواد من القصاص قبل 48 ساعة».. نجرِّب أن نختبر ذاكرتنا بعيداً وتحديداً منذ أن تقلّد صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - دفّة إمارة منطقة تبوك وحظي بثقة ولاة الأمر، يقود أهالي منطقة تبوك ومسيرة التنمية فيها.
قاد هذا الأمير الوقور الحكيم مسيرة التسامح والتواد وحب الخير بين أفراد منطقته، متحدياً كل ما يعترض طريقها من مزايدات في الديات والرغبات الشخصية التي لها آثارها الباهظة على المجتمع وأولياء القاتل، ووصل بعهده الذهبي العفو طلباً للأجر والمثوبة من الله تعالى إلى منزلة عالية، متخطِّياً عنفوان مظاهر التجارة والابتزاز الفاضح بالدماء، وبرغم العثرات المنطقية في عالم أجواء المناشدات واستقطابات القبيلة وترقب أهل الجاني وتوسلهم العفو والصفح بأي ثمن، إلا أن تأثير هذا الأمير وحكمته جعلته واحداً من أبرز أفراد المجتمع السعودي الذين حققوا لمجتمعهم الفاعلية والتأثير والتميز وتحمل مسؤوليته الإدارية بنجاح كبير وإرساء مفهوم العفو عند المقدرة، التي اكتملت الأسبوع الفائت بالخبر الذي قرأناه في صحيفة الجزيرة الموقرة عن عفو أبناء سلامة العطوي عن قاتل أخيهم في منطقة تبوك لوجه الله واستقبال سمو الأمير فهد بن سلطان لهم في قصر سموه، وتأكيده على أن هذه الأعمال هي ديدن هذه البلاد منذ أن أسست وهي على دين الإسلام والتسامح.
ولا يخفى على الجميع أن سمو الأمير فهد بن سلطان، حيث اختار أن يكون راعياً ومسانداً ومشرفاً على مسيرة التسامح والتواد وحب الخير في منطقته لتكون النتائج صفحات تاريخية في جبين الحياة الاجتماعية التي احتضنت الإنجاز المجتمعي بسجلاته ونسخ اسم (فهد) في ثنايا سطوره.
وتأخذنا مع ذلك الحقيقة الواقعة من أنَّ ولاة الأمر في وطننا لا يتدخلون في أحكام القصاص، لكنهم يسعون إلى الإصلاح بين ولي الدم وولي القتيل، لأن أحكام القصاص نافذة بحكم الشريعة الإسلامية، وتأخذنا العاطفة والإعجاب والفخر بهذا الأمير الهُمام، ويأخذنا أحياناً الاندفاع لننتقد ونعلّق على المظاهر التي تخدش المروءة وتتنافى مع القيم والمبادئ التي نشأنا عليها ودعا إليها ديننا الحنيف من أشكال المزايدات في الديات وجميع مظاهر المبالغات فيها، لكن ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نميل إلى أن نتناسى أو ننسى النظر بكل واقعية وإيجابية للصفحات البيضاء الناصعة للرجل وللقامة وللهامة الذي نذر نفسه لوطنه ولمنطقته ولأهاليها؛ فحقق ما يليق بدينه الإسلامي ثم ما يليق بوطنه الشامخ العظيم، وجسّد ثقة قيادته الرشيدة - أعزها الله - بإنجازات في التنمية وعفو متوالٍ يسر كل أبناء هذا الوطن وكل المسلمين.
فهد بن سلطان.. الرجل الذي يستحق لقب (أمير التسامح والعفو) هو رجل صناعة منهج التسامح والعفو الحديث، بكل ما فيه من أقوال وأفعال يستحق منا أن نقول له: شكراً أيها الأمير الإنسان، الخلود والمجد يرسخه الأبطال على أرضية المجتمع، ويوم يعفو من له حق في القصاص من القاتل لوجه الله في منطقتك يظهر تأثير منهجك، ويُختبر الرجال وتُعطَّر المنطقة بأزكى المواقف التي تدل على سمو أخلاق أهل القتيل وأصالة قيمهم وقلوبهم الصادقة ونواياهم الطيبة، التي احتفل فيها أبناء منطقتك وكل مسلم بما قدمته منطقة تبوك من قيادتها السمحة ومن أفرادها في معركة المجد والخلود الإنساني.
موقف أمير منطقة تبوك صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وأبناء منطقته تُكتب بماء من الذهب في التاريخ، فأفعال الكبار تبقى خالدة راسخة، وكلما ذُكرت المنطقة والأمير سيُذكر العفو عند المقدرة والتسامح والتواد وحب الخير والنبل والبطولة الأخلاقية مع مقاومة رغبات النفس وأهوائها.