عبدالعزيز المعيرفي
تعاني كثيرٌ من أحيائنا وخاصة الجديدة منها من انخفاض جودة الحياة فيها، وأعني هنا أنها أبعد ما تكون عن خدمة الإنسان والبيئة، حيث لا يمكنك المشي داخل الحي والوصول للخدمات بسهولة، بل إنه يفتقد لأبسط معايير الأنسنة كالتشجير والحدائق، فنحن اليوم أمام تحد لنحوّل مدننا ونهيئ عدداً كبيراً من الأحياء فيها لتكون ذات أنسنة واستدامة، منها مثلاً إيجاد بيئة مشاة آمنة ذات جودة عالية، وأحياء سكنية مستدامة وخدمات متنوِّعة يسهل الوصول لها.
إننا إذا رغبنا في رفع جودة الحياة فلا بد من إيجاد خدمات ومرافق عامة داخل الأحياء للوصول إلى أسلوب حياة مختلف من خلال إيجاد مراكز الأحياء التي تتضمن حديقة ومكتبة وأماكن مخصصة للمشي والألعاب الرياضية ونادياً رياضياً ومسبحاً وحضانة لرعاية الأطفال ومقاهي ومواقف سيارات تحت الأرض وسوبر ماركت يمكن لسكان الأحياء والمنازل الوصول لها مشياً على الأقدام.
ولكن الجميع يعلم أنه من الصعب على الأمانات أن تنفذ مشاريع تجهيز المرافق البلدية في الأحياء لذلك فإن التوجه نحو طرح هذا النوع من المشاريع للمستثمرين عبر نظام BOT كإعلان أمانة المدينة المنورة عن مشروع مسارات شوران عبر إنشاء وتشغيل وصيانة مواقع استثمارية وهو توجه جيد، ولكنني أعتقد أنها غير كافية وتحتاج المزيد من الحوافز والتسهيلات والإعفاءات، فعادةً يجد المستثمرون صعوبة في الاستثمار بهذا النوع من المشاريع لارتفاع حجم المخاطرة ولطول مدة تحقيق عائد الاستثمار، وكذلك ارتفاع مبلغ الاستثمار، ولذلك اقترح أن يقوم صندوق الاستثمارات العامة انطلاقاً من أحد أهدافه الإستراتيجية؛ وهو إطلاق القطاعات المحلية الواعدة بإنشاء شركة مختصة بتطوير خدمات الأحياء أو إضافة هذا النشاط لشركة مشاريع الترفيه السعودية والبدء بإنشاء مشروع واحد كنموذج في أحد الأحياء لدراسة مدى فاعليته وتجاوب السكان معه. والاقتراح الثاني هو في دعم جمعيات مراكز الأحياء بضخ استثمارات كبيرة ونقل ملكيات أراضي الخدمات في الأحياء لها مع إيجاد نموذج حوكمة عال لضمان تنفيذ مشاريعها وتشغيلها بجودة عالية وبأسعار معقولة. وأعتقد أن السكان لن يمانعوا في الدفع مقابل هذه الخدمات؛ أولاً لأنهم يدفعون هذه الرسوم في مكان آخر أبعد، وثانياً لقربها من منازلهم واحتياجهم الكبير لها، وثالثاً لضمان تقديم كل هذه الخدمات بجودة عالية وللمحافظة عليها، والتي بلا شك ستساهم في تحقيق بناء مجتمع صحي وحيوي بما يتماشى مع أهداف برنامج جودة الحياة، أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030 .