د. محمد بن إبراهيم الملحم
بعد أن يتم الترويج للتغيير الجديد ويتفهم جمهور التغيير رسالته ومقاصده وأهدافه وربما بعض متطلباته، يأتي التدريب مع انطلاقة التغيير ليقوم بأهم دور في رعاية التغيير، وأحياناً يبدأ التدريب قبل صدور التغيير، خاصة لفئات معينة ربما تكون هي من سيدير عملية التغيير أو يشرف عليها، وهذا الإجراء يكون غالباً مفيداً جداً أكثر من مزامنة التدريب مع قرارات التغيير أو بعدها بقليل. ومع أن ذلك يعتمد على موضوع التغيير ومتطلباته إلا أنه في الحالات التي يتساوى فيها الأمران، فإنه بدون شك سيكون تنفيذه قبل ذلك أفضل بكثير من التنفيذ متزامناً مع قرارات التغيير. وقد يستثنى من ذلك الحالات التي تتطلب ظروف التغيير فيها أن يكون التدريب متزامناً خشية نسيان المهارات وعدم تطبيقها فوراً، خذ على سبيل المثال عند التدريب على التعليم عن بعد فيحسن أن يتدرب المعلم اليوم ثم يمارس غدا في الفصل تلك المهارات بينما حينما يدرب عليها قبل 3 شهور من بدء التنفيذ فقد ينسى تلك المهارات ويحتاج إلى المراجعة ليتكيف مع الوضع الجديد. في المقابل فإنه في حالة تعريف المعلم بمنهج جديد وأسس جديدة لتدريسه فإن ذلك يمكن أن يكون قبل التغيير بشهور ذلك أنه سيدون ما يتلقاه في التدريب في مذكراته ويرجع لها لاحقاً عندما يبدأ المنهج الجديد في التنفيذ وحينها سيكون سهلاً عليه المراجعة ذلك أنها من صميم عمله ومهاراته اليومية، كما أنه سيستخدم ما تلقاه من مطبوعات أيضاً لمراجعة المهارات الجديدة وربما كانت هناك مواد مرئية تدرب عليها فيراجعها، وعموما مراجعة «طرائق التدريس» لدى المعلم أسهل من مراجعة تقنيات جديدة مطلوب أن يشغلها ويستخدم وظائفها المتعددة.
التدريب هو قوام التغيير ومضخته الحيوية التي هي كما القلب تضخ الدم في شرايينه، فهو ما سينشر المهارات المطلوبة للتغيير الجديد، كما أنه مع ذلك سيؤكد لدى المتدربين بذرات التوجهات الإيجابية التي زرعتها حملات الترويج التي سبقت التدريب وينميها لتثمر وتينع، أما إذا كان التغيير لم يتضمن مهارات جديدة تحتاج إلى تدريب، فيظل التدريب منصة صالحة لنشر فكر التغيير الجديد من خلال المحاضرات والندوات التعريفية بملامح ذلك التغيير ومتطلباته وآثاره وتلقي الأسئلة والمناقشات والمناظرات حوله ، هذا الجو الصحي من الحوار أفضل من يديره هم المدربون المحترفون في إدارة الحديث والذين تعودوا على ذلك من خلال برامجهم التدريبية التي طبقوا فيها أسس تعليم الكبار، تلك التي تقوم على إدارة الحوار والنقاش وبعث استنتاج الأفكار واستقراء المبادئ أثناء الجلسات التدريبية. وكلنا بتنا نعلم اليوم أن التدريب الحق يختلف عن «التدريس» النمطي الإلقائي، بل هو حوار ونقاش مستمر يمتع كلا الطرفين: المستمع ومدير الحوار، ولا يكون ذلك إلا بمدرب مؤهل باحترافية عالية. ومتى توفر ذلك، كان التدريب منصة مهمة لنقل التغيير خطوات بل قفزات للأمام في سرعة وحسن التطبيق والتنفيذ، هذه السرعة لها قيمتها في بلوغ التغيير أهدافه الإيجابية بسرعة، وهذه الأهداف تكون هي غالبا ما «يدعي» التغيير أنه إضافته التي جاء من أجلها، وإذا تأخر في تحقيقها فإن مقاومة التغيير سرعان ما تؤكد شكوكها حوله وتتزايد نسبة فئة المترددين (الذين أوردتهم ضمن نموذج روجرز قبل قليل) وذلك من 16 % إلى 30% وربما 50 %، لذلك كان للتدريب أهميته الكبرى في هذا الشأن فهو مركبته التي يسير عليها في كثير من الأحيان فإذا كانت بطيئة أفل نجمه وبريقه وإن أسرعت بزغ نوره وانكشفت كنوزه.