إيمان الدبيّان
أحيانًا يكون العنوان هو مضمون المقال، وحينًا يكون هو خلاصة الحال، ومرات يكون نافذة لفتح مائة سؤال وسؤال، وعنواننا هنا هو قول معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال اجتماعه بمدير وحدة الإعلام بمكتب معاليه وقد جاء فيه: (أن رسالة الحرمين الإعلامية تحتاج إلى إستراتيجيات تواكب التطورات والنهضة التنموية لبلادنا، تخدمها التقانة لتصل لجميع أنحاء العالم).
نعم يا معالي الرئيس، الرسالة الإعلامية للحرمين تحتاج إلى إستراتيجيات وثيقة، ومخرجاتها عميقة، تضيف نجاحًا وتطورًا وتميزًا لكل المنجزات الملموسة في الحرمين خاصة والوطن عامة.
وهنا أطرح أسئلة ومرئيات جمّة وأراها بحكم التخصص مُهمّة وهذا بعضها:
ما نوعية هذه الإستراتيجيات، وما المرتكز الذي تتكئ، عليه وما الهدف الذي ترمي إليه، ما الرسالة الإعلامية التي لم تصل وماذا نريد أن يصل، ولمَن تصل؟! هل ستصل للمجتمع المكي أو المدني، أو كل أرجاء الوطن أو العالم بمجمله أو الإسلامي بمفرده؟!
الرسالة الإعلامية للحرمين باتت لا تقتصر على خطب الجمعة والأعياد والمناسبات الدينية، ولا دروس في الحرمين يلقيها أساتذة للطلاب بمنهجية، ولا بموظف في الرئاسة يظهر في الإعلام ومواقع التواصل ليبرز موقفًا له أو حديثًا مع شخص استوقفه، ولا تغريدات باسم الرئاسة موسومة، وإن كانت واجبًا وعملاً لائقًا؛ ولكن رسالة الحرمين الإعلامية أكبر ونتاجها على الفكر والفرد والمجتمع والعالم أوسع.
من الإستراتيجيات المهمة للرسالة الإعلامية هي استشعار أهمية المكان دينيًا وتاريخيًا وحضاريًا واقتصاديًا لدى سكان مكة والمدينة والزائرين لهاتين المدينتين فهما متاحف قائمة وآثار باقية لو تم التعاون والتشارك مع وزارتي الثقافة والإعلام لوصلنا برسالتنا المستشعرة إلى العالم أجمع بمعارض ثابتة ومتنقلة عن الحرمين الشريفين تجوب الأرض قاطبة وتصل للأديان كاملة، تحكي تسامحنا، حضارتنا، اهتمام دولتنا وحكامنا بالحرمين، وتشرح رؤية ولي العهد المتعلقة بالحجاج والمعتمرين والحرمين على العالمين.
كذلك من الإستراتيجيات المهمة في هذه الرسالة الوصول إلى فكر الناشئة بالشراكة مع وزارة التعليم بتثقيف وتوعية وتنمية عقول النشء بأن الدين ليس فقط ثوبًا يقصر ولا لحية تعفى ولا حجابًا يرتدى وإنما أيضًا الدين المعاملة، الدين فكر يرتقي بصاحبه ويسمو بروح معتنقه، وأن المسجد الحرام أو المسجد النبوي ليسا فقط للصلاة محرابًا أو للذنوب مغتسلاً، أو للدعاء محتضنًا؛ وإنما مع ذلك كله هما للوطن شرف ومأمن وكل من في الدولة لهما حارس وخدم، فيُربطان بالأحداث والمناسبات الوطنية تفعيلاً وليس فقط تذكيرًا؛ لتكون المشاركات في المناسبات الوطنية ميدانية وفعلية مع المدارس والمعاهد والجامعات.
إذا كانت بعض الدول تقيم معارضًا ومتاحف عن شخصيات تاريخية مهمة ومؤثرة تحتضن مراقدها، فنحن لدينا قبر ومسجد سيد البشرية محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فلننقل للعالم سيرة قدوتنا ومنهج معلمنا في حياته وشخصه، في تعامله مع أصحابه وأهل بيته، في تعليمه للرجل والمرأة أمور حياتهما ومجتمعهما ودينهما في أدق تفاصيلها وأعمق خصوصيتها فلا حياء في الدين.
لنصل بتقنياتنا وتطوراتنا إلى كل الفئات، وجميع الديانات بلا استثناءات إلى كل من يحمل لنا الحب أو العكس يكنز لنا العداوات، فنجعله يسمع ويرى تأثير الحرمين علينا كمسلمين ودورنا تجاههما نحن السعوديين، فالحمد لله على اختصاص الله لنا بهذا الشرف العظيم، وشكرا لمعالي الرئيس على هذا الاهتمام بالإعلام وما يحمله من توجيه ثمين، كانت هذه بعض من مرئياتي التي أنسبها لي وأجزم أن لديهم أفضل مما طرحت وأنا بما أجزم على يقين.