صبار عابر العنزي
المسطحات الخضراء تعرف بالأبسطة أو المروج أو الحدائق, وهي أجزاء مسطحة من الأرض أو ذات ميول ومنحدرات تغطى تماماً بنباتات عشبية خضراء اللون, وعبارة عن حيز يضم الغطاء النباتي مثل الغابات والمزارع...
ويعد مشروع الرياض الخضراء أحد مشاريع الرياض الأربعة الكبرى التي أطلقها الملك سلمان بن عبد العزيز في مارس 2019م وتقوم عليها لجنة المشاريع الكبرى برئاسة الأمير محمد بن سلمان، وتأتي في إطار تحقيق أحد أهداف رؤية السعودية 2030 برفع تصنيف مدينة الرياض بين نظيراتها من مدن العالم...
حيث قال سمو ولي العهد «مبادرة السعودية الخضراء ستوفر فرصاً استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفرص عمل نوعية للجيل المقبل من القادة في المملكة، إضافة إلى تعزيز العلاقات الدولية التي ستترك تأثيراً إيجابياً في المنطقة والعالم»...
ويهدف المشروع إلى رفع نصيب الفرد من المساحة الخضراء في المدينة من 1.7 متر مربع حالياً، إلى 28 متراً مربعاً، بما يعادل 16 ضعفاً عمّا هي عليه الآن، وزيادة نسبة المساحات الخضراء الإجمالية في المدينة من 1.5 % حالياً إلى 9 % بما يعادل 541 كيلومتراً مربعاً، وذلك من خلال زراعة أكثر من 7 ملايين ونصف المليون شجرة، في أنحاء الرياض كافة.
بينما تؤكد الجهات المختصة على أن المساحات الخضراء تعد من العناصر بالغة الأهمية للبيئة الحضرية, فهي المتنفس للسكان, يجتمعون فيها وحولها مع أطفالهم بحثاً عن الراحة, وتخفيفاً لضغوط الحياة, وترويحاً عن النفس وزحمة المدن وضجيجها...
يجتمع الكل بحثاً عن رونقٍ من الجمال البصري الذي نادراً ما يرى الخضار والمشوش على امتداد بصره فلا يرى إلا عوادم السيارات والمباني الأسمنتية...
فبسبب الغزو العمراني المتصاعد الذي اشتد حصاره وامتداده على الرقعة الزراعية في تسعينيات القرن الماضي وأكل الأخضر واليابس لتصبح هذه الظاهرة هي الأبرز مع دخول الألفية الثالثة...
وتقلل المساحات الخضراء من أثر التلوث البيئي وتحد من أضراره، وذلك عن طريق امتصاص الكثير من الغازات والملوِّثات في الهواء، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يعد من غازات الدفيئة المؤدي إلى تغير المناخ، كما أن عمليات تجديد الهواء وتنقيته تسهم في تحسين الظروف البيئية في المدن وبالتالي تعزيز حياة الأفراد النوعية...
يساهم وجود المساحات الخضراء في مكان العمل في رفع معنويات الموظفين، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجيتهم، حيث تشير الدراسات إلى أن وجود المناظر الطبيعية بالقرب من العاملين في المكاتب يساهم في تقليل شعورهم بالقلق والإجهاد, وبينت دراسات متعددة أجرتها كاثلين وولف من جامعة واشنطن ارتفاع إقبال المارّة على الشراء بنسبة 9-12 % في أماكن التسوق التي تشتمل على الأسطح الخضراء مقارنةً بأماكن التسوق الأخرى...
ولها آثار اجتماعية حيث تساهم في استقرار المجتمع لما لها من آثار إيجابية يتضح أثرها في تقليل الإجهاد وأثر ضغوط الحياة, وأثبتت الدراسات أن وجود المساحات الخضراء سواء أكانت حدائق للتنزه أو أشجاراً في الطريق يساهم في التقليل من المشاجرات والعنف الناتج عن فرط الضغط والتوتر, مما يؤدي لتخفيض نسبة ارتكاب الجرائم لأن المساحات الخضراء تجذب العديد من الناس إليها وبالتالي تزداد المراقبة الجماعية للأحياء ممّا يقلّل من فرصة حصول جريمة...
وتساعد البيئات الطبيعية الأطفال على التركيز، وإنجاز الواجبات، وكذلك الحد من التصرفات الطائشة، حيث يبدي الأطفال التزاماً بالتعليمات والانضباط بعد قضاء الوقت في اللعب في الأماكن الخضراء، وأثبتت إحدى الدراسات الأمريكية التي أُجريت على 450 طفلاً مصابين باضطراب نقص الانتباه، أن قضاء الأطفال وقتاً بالقرب من المساحات الخضراء نتج عنه انخفاض في حدة الاضطراب...