عهود المالكي
قيل لي بأن للشجر أخلاقه الخاصة..
فأحببت أن أختبر أخلاقه..
واقتنيت مجموعة من بينها شجرة البونساي..
هذه الشجرة التي تعرف كيف تتمرد عليك إذا أعطيتها أقل من ظروفها المثالية.
هي لا تقبل المساومة، ولا أنصاف الحلول.
تحدى هذه الشجرة وأعطها أقل مما تستحق، وستنفض أورقها كامرأة جميلة لتو حلقت شعرها.
مع الشجر أنت لا تحتاج إلى أن تدير حواراً ثقافياً..
أن تحتاج أن تزيد من وعيك وتتعلم كيف تتعامل معه وتفهم أخلاقه وطباعه واحتياجاته البيئية
وإذا منحته ما يناسب طبيعته سيعطيك..
ويعطيك..
ويعطيك..
* * *
البونساي شجرة قوية
أغيب عنها لفترة وقبل أن أغلق عليها الباب، أودعها بكثير من الماء وكلمات الحب لأعود لها وهي ما زالت على الوعد محتفظة بأوراقها ونضارتها وجمالها.
بدأت أعرف ماذا أعطيها قبل السفر ومقدار الفترة التي يمكن أن أغيب فيها عنها.
وأصبح بقاؤها محتفظة بأوراقها قضيتي الأولى..
نضارتها هو التحدي اللطيف الذي أقيس به مدى نجاحي.
فلا هي خذلتني ولا أنا خذلتها.
وأعرف أن علاقتي مع هذه الشجرة هي علاقة حب، احترام واهتمام مستمر.
ولأن متانة العلاقات تبدأ من جذورها، أمنحها جذوراً راسخة.
لشجرتي اسم
وعمر وعنوان
وهي أول من أرى في الصباح
* * *
نشتكي البشر من ثقل علاقاتنا
وننسى أن العلاقات الجيدة مثل تربية الأشجار
تحتاج إلى وعي، ونضج، وحب والتزام
للبشر طباعهم وظروفهم واحتياجاتهم الخاصة
وبدلاً من أن نزيد وعينا بكيفية التعامل مع من نحب
نمنحهم الإهمال
ونطلب منهم العيش في ظروف غير مناسبة
وإذا ما ذبلت العلاقة، نلقيها خارجاً كشجرة ميتة.
لا تموت الأشجار في لحظة
بل على مدار أيام وشهور
وقبل أن تموت
ستتواصل معك وتقول لك بأنها غير سعيدة
ستذبل، ستحني رأسها، سيصفر لونها، وأخيراً ستتساقط أوراقها.
الأشجار تستجيب
ولو منحتها ما يناسبها من ظروف لعادت لرونقها وجمالها
* * *
من يا ترى يحتاج إلى تغيير أخلاقه
الشجر أم نحن!
هناك من سيرمي الشجرة
وهناك من سيتفاوض معها ويعمل على إصلاحها
وهناك من سيستبدلها..
كل شجرة تستحق الحب
كل شجرة هي معجزة إذا عرفنا كيف نتعامل معها.
أخيراً، قرأت بأن البونساي هو اسم لفن ياباني يقوم على نحت وزراعة الأشجار في أصص صغيرة لخلق جنان في المنازل. وأتساءل ماذا لو أدخلنا كلمة البونساي في قاموسنا وماذا لو تعلمنا فن خلق الجمال في العلاقات.