يوم الأحد غرة صفر عادت الحياةُ إلى صروح العلم من مدارس ومعاهد وجامعات بعد إجازة شهرين متتابعين وأقبل الطلاب والطالبات في شوقٍ وحبٍّ لميادين العلم راغبين النهل منه كي يرتقوا بأنفسهم ويُشبعوا نهم عقولهم النيِّرة ويخدموا وطنهم الغالي الذي فتح لهم ذراعيه بكل حبٍّ ووفاءٍ وهيأ لهم البيئة المناسبة مُنفقًا عليها المليارات الطائلة كي يتلقوا العلم في محاضنه التي أُسست على أحدث طراز عمراني وفي كل بقعةٍ منه شمالاً وجنوبًا شرقًا وغربًا ووسطاً فيعيش الوطنُ كلَّ صباحٍ في حركةٍ دائبةٍ ونشاطٍ جميلٍ وحيويةٍ آسرةٍ في أجواءٍ آمنةٍ ورخاءٍ واطمئنانٍ بفضل الله سبحانه وتعالى ثم برعاية قيادةٍ حكيمةٍ تبذل الغالي والنفيس في الرقي بالوطن الحبيب وبأبنائه المخلصين الذين يبادلونها الوفاءَ بوفاءٍ والرعايةَ بولاءٍ وتقديرٍ وامتنانٍ فهم حماته وهم جنوده وهم بُناته فالمعلمون والمعلمات في جميع المؤسسات التعليمية تقع على عواتقهم مسؤولية كبيرة وأمانة عظيمة، حيث سلمهم الآباء والأمهات فلذات أكبادهم وأمَّنوهم على عقول أولادهم وأخلاقهم ويتوجب عليهم أداء الأمانة باذلين ما أوتوا من قوة في ذلك وما أجمل وصية عمرو بن عُتبة لمعلِّم ولده حين قال: ليكُن أوّلَ إصلاحك لولدي إصلاحُك لنفسك، فإنّ عُيونهم مَعْقودة بعَيْنك، فالحَسن عندهم ما صَنعتَ، والقبيح عندهم ما تَركت. ومن الرقي والأمانة ألا يكون التعليم عند المعلمين مجرد وظيفة يتقاضون مقابل عملهم فيها راتبًا نهاية كل شهر بل عليهم الإخلاص والاجتهاد فأثرهم إن سلبًا أو إيجابًا لن يزول من ذهن طلابهم مهما طالت بهم الحياة والسعيدُ مَنْ ظفر بالذكر الحسن وترك أثرًا طيبًا في نفوس طلابه، حيث سينال منهم الحب والتقدير والاحترام والوفاء في حياته وسيعيش عمرًا ثانيًا إن فارق الحياة وستؤنسه دعواتهم بعد الممات ولله در أحمد شوقي حين قال: فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ... فالذكر للإنسان عمرٌ ثانِ.. أما الطالب فواجبه كبير تجاه معلميه احترامًا وتقديرًا وأخلاقًا وحسن تعامل، إذ هو يعكس تربية والديه وما أطيبه حين تكون صورة والديه وأسرته حسنةً باتصافه بجميل الخصال وكريم الشمائل مع الناس عامة وخاصة معلميه، حيث سينال الاحتفاء منهم وحسن التعليم والتوجيه والإكرام وصادق الدعاء وجميل الثناء وبرقي المعلمين والطلاب يسمو المجتمع ويعيش أفراده في سعادةٍ واستقرارٍ وتميزٍ وبالتالي يُضاف هذا الرقي للوطن الغاليفتشرئب نحوه ونحو أبنائه الأعناق ويكونون محط الأنظار من العالم أجمع ولا غرو فهو مهبط الوحي وموئل الرسالة وموطن الأمن والأمان والسلام والخير والرخاء - حماه الله من كل سوءٍ ومكروه- وختام مقالتي هذه قصيدةٌ لي ترحيبيةٌ بطلاب العلم بمناسبة بداية العام الدراسي الجديد 1444هـ:
صروحُ العلمِ يملؤها ازدهارُ
بمقدمكم ويكسوها الفخارُ
فأهلاً مرحبًا أربابَ مجدٍ
مدارسُكم لكم حِصنٌ ودارُ
بها الشوقُ الكبيرُ إلى لقاكم
لها أنتم أحبَّتنا عمارُ
فحياكم إلهي في صروحٍ
بها عِلْمٌ وعِزٌّ وافتخارُ
فهيا أقبلوا للعلم نهلاً
هو الزادُ العظيمُ هو النهارُ
فإنَّ العلمَ معراجٌ لمجدٍ
به تبنى أحبَّتنا الديارُ
وموطنُنا الحبيبُ له عليكم
حقوقٌ بالوفاءِ هي الكبارُ
فأدُّوا حقَّهُ كونوا بناةً
له يا أيها القومُ الخيارُ
وكونوا أهلَ أخلاقٍ تعيشوا
هناءً والثناءُ لكم مدارُ
حماكم ربُّنا دمتم بخيرٍ
ولا ذقتم أحبَّتنا ضِرارُ
بكم حرفي بكلِّ الحبِّ يزهو
وفائي للكرامِ هو الشعارُ