فاطمة المتحمي
دائماً نتساءل: لماذا نتوقع أشياء لن تحدث أو أفعالا من أشخاص معينين لكي نشعر بالسعادة.
في الواقع هذه التوقعات أو ما نتخيل حدوثه هو نوع من أنواع ما يسمى بالـSurvival أو طوق النجاة الذي يساعدنا على البقاء في الحياة عندما نشعر بالإحباط أو الحزن أو الاكتئاب أو عدم الثقة في النفس والخوف من الفشل، حينها يرسل عقلنا اللاواعي إشارات تكون مُحصلتها التوقعات العالية أو ما تُعرف بالـ High Expectation. التوقعات لا تقتصر على أشخاص وتعاملهم معنا، بل تشمل تقدمنا في الحياة، كنجاحاتنا في التعليم والعمل والعلاقات وفي الحياة بشكل عام.
هل التوقعات العالية تضر بنا وبصحتنا النفسية؟
نسمع دائماً من الأطباء والأشخاص المقربين نصيحة فحواها: «اخفض سقف توقعاتك تجاه الأشياء والأشخاص كي لا تُصاب بخيبة الأمل». لكن الإنسان لا يستطيع وإن حاول مرارًا وتكراراً. فهذه الطريقة الأسهل للنجاة لأننا نرسم الطرق الذي نتمناه في مخيلتنا وإن كان مستحيلاً. فعالم الخيال لا حدود له كما هو الواقع.
ويعلم الإنسان كل العلم أن هذه الأشياء لن تحدث ولكن يتمنى حدوثها حتى وإن كان فقط في مخيلته وأن هذه التوقعات كطفل مُجهض لا يمكنه العيش أو البقاء على قيد الحياة ولكن هذا ما يكفيه. كما نعلم إنها لن تحدث طالما لن نتحدث عنها. فالإنسان لا يعلم الغيب ونحن نتوقع وننتظر منه أن يفهم ويتفهم ما نريده أو ما نتمناه منه أو ما الذي يستطيع فعله لكي يساعدنا. أو ما هي أمنياتنا التي نطمح لتحقيقها. لذلك نصاب بضربات متتالية من خيبات الأمل التي لا نستطيع تفاديها عند مواجهتنا للحقيقة. فنحن نعلم جيداً كبشر أننا سنُصاب بخيبات الأمل هذه وأننا سوف نعيش حالة الحزن والاكتئاب هذه حينما نواجه الواقع ولكن الأهم أننا عشنا وعاشرنا فترة من السعادة اللحظية.
هل من حولنا مسؤول عن ذلك؟
لا طبعاً. نحن كأشخاص مسؤولون عن أنفسنا وما يحدث معها وعن فشلنا في الحياة وهذا ما لا يستطيع عقلنا استيعابه.
ولكن هل يستطيع الإنسان بالفعل خفض سقف توقعاته؟
رأيي الشخصي، لا يستطيع. فهذا أمر خارج عن سيطرة الشخص وإن ذكر غير ذلك.
تُعتبر في نظري حياة الإنسان دوامه من التوقعات. فكلما واجه ما لا يرضيه في الحياة بدأ عقله اللاواعي برسم تخيلات وتوقعات لكي يتغلب على ما يعانيه وعند تجاوزه للمحنة، يبدأ شعور خيبة الأمل ولكنه سرعان ما يتخطاها إلى أن يمر بفترة صعبة أو محنة أخرى حينها تبدأ التوقعات مرة أخرى وهكذا.
لذلك معظمنا مُتعايش وسعيد مع سقف توقعاته سواءً كان عالياً أم مُنخفضاً طالما يشعره بالراحة والسعادة والطمأنينة وإن كانت مؤقتة!