مستقبل قطاع التمور يحتل مكانة متقدّمة ضمن الأولويات التي حددتها المملكة ضمن رؤيتها 2030 الذي أطلقتها حكومة خادم الحرمين الشريفين - أعزها الله - والتي تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة بين الأفضل في العالم بحلول ذلك العام.
هذا التركيز دفع وزارة البيئة والمياه والزراعة للاستنتاج بأن قطاع التمور أحد أهم القطاعات التي ستقود مستقبل الاستثمارات والصادرات الوطنية لدول العالم خلال العقد المقبل، وذلك يظهر في سياسات واضحة تساعد على تحقيق الهدف.
من ضمن العوامل التي جرى التركيز عليها زيادة دعم قطاع النخيل والتمور على المستوى الدولي عبر مبادرات بالتنسيق مع منظمات أممية باعتبارها عوامل رسخت قطاع التمور كقطاع رئيسي ومؤثّر، وكذلك تسجيل التمور «كفاكهة غير اعتيادية» (سوبر فورت) لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، واستكشاف الفرص التي تمكِّن قطاع التمور من إحداث الفرق وجلب المزيد من القيم المضافة للقطاع، مثل إقرار منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «السنة الدولية للتمور» عام 2027م، وزيادة الاهتمام باليوم العالمي للتمور في تشكيل الاهتمام الجديد للنظام التوعوي عبر التنسيق مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، باعتبار أن هذا اليوم هو أحد الجوانب المهمة المتعددة التي ستحدث نقلة في المشهد الزراعي للتمور، من خلال التعرّف على كيفية زراعة التمور والتميز فيها والتغلب على تحدياتها.
وفي هذا السياق أيضاً، ثمّة في المملكة ممارسات لتحسين جودة الإنتاج في المزارع واعتماد معايير الجودة للتمور القابلة للتصدير في المصانع ومحطات التعبئة، كما أسهمت المزارع العضوية وتطبيق معايير الهيئات الغذائية الدولية لتسهيل عملية التصدير وزيادة الطلب في الأسواق الخارجية للتمور كمنتج عضوي مرخص في أوروبا وأمريكا واليابان، مما ساهم في تشجيع الاستثمار لتطوير واستدامة قطاع النخيل والتمور لتكون تمور المملكة الخيار الأول عالمياً.
كثير من الجهود والأعمال تحدث على هذا الصعيد لا يحس بها المواطن أو المقيم، لكنه يلاحظ نتائجها على مستوى منجزات وزارة البيئة والمياه والزراعة ومنها دخول بنك الأصول الوراثية لأصناف النخيل والتمور موسوعة غينيس لأكبر عدد أصناف نخيل بـ127 صنفًا، كما جرى اعتماد المملكة من قبل لجنة الدستور الغذائي «الكودكس» رئيساً مشاركاً في فريق إعداد مواصفات التمور عالمياً، وأسهمت في إنشاء المؤتمر العالمي للتمور، والإعلان عن تأسيس المجلس الدولي للتمور برئاسة المملكة في فبراير 2022م، مثلما يلمس مستوى التطور والتعامل الحيوي والنشط مع كل ما يتعلق بجانب قطاع التمور عبر عمل الوزارة على إيجاد منظومة متكاملة من الخدمات الزراعية واللوجستية والتسويقية والمعرفية وتبني التقنيات الحديثة لتحقيق الكفاءة الإنتاجية وزيادة معدل استهلاك التمور السعودية محلياً وعالمياً.
ما يلفت إليه النمو القياسي لقطاع التمور في المملكة أن المملكة استطاعت بكل عزيمة وثقة وكفاءة لا تدانى أن تحقق المرتبة الأولى عالمياً في صادرات التمور من حيث القيمة خلال 2021م، وفقاً لما أعلنه موقع (TradeMab) التابع لمركز التجارة العالمي ضمن 113 دولة من مختلف دول العالم، عبر إنتاج وتصدير أكثر من 300 صنف من التمور بإنتاج سنوي يتجاوز 1.54 مليون طن سنوياً، وبلغت قيمة الصادرات السعودية من التمور 1.215 مليار ريال.
جميع هذه المؤشرات والشهادات القياسية تعكس ثقة قياسية أيضاً بقطاع التمور في المملكة، وتستنهض بمحركات إيجابية، وعوامل قوة جديدة لاقتصادها، مما يعزز التفاؤل، ويبشر بنمو بشكل أسرع وأكبر.