إيمان حمود الشمري
في آخر محاضرة نظمها المركز الإعلامي الدولي الصيني CASPC للإعلاميين العرب، للدكتورة سي مينجمين، أو كما تسمي نفسها (ليلى) من جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، استوقفتني عبارة قالتها أثناء المحاضرة: (لا يوجد فقر مدقع بالصين)!! يوجد طبقية حالها كسائر الشعوب ولكن الصين استطاعت أن تقضي على الفقر المدقع.
ولكن كيف استطاعت الصين أن تقضي على الفقر؟ وكيف تمت السيطرة على شعب عدد سكانه ما يقارب المليار و400 مليون نسمة، لتحويل حياته من تحت خط الصفر إلى حياة كريمة؟
كانت هناك منظومة وخطة محكمة سارت عليها الحكومة الصينية حتى تقضي على أحد أهم عوامل تعطيل مسيرة التنمية.
كان مفتاح الصين في التعامل مع هذه المشكلة الاجتماعية هو: (التنمية) كهدف أساسي، إذ إن قناعة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، تكمن في أن المرء لا يستطيع الخروج من الفقر إلا بعد أن يحرر نفسه من الفقر الفكري. وفي عام 2015 تعهد الرئيس الصيني بالقضاء على الفقر بإطلاق حملة لا هوادة فيها في الحرب ضد الفقر المدقع، نهض الريف على أكتافها، من خلال بذل جهود كبيرة بالتثقيف والتوعية للطبقة الفقيرة، من أنهم يستطيعون التغلب على محنتهم والتخلص من الفقر ما داموا يكرسون أنفسهم لتغيير حياتهم، فلا ينبغي للصينيين أن يتوقعوا الحصول على حلول لكل مشكلاتهم من الآخرين، بل يتعين عليهم أن يجدوا الحلول بأنفسهم.
بدأ المسؤولون بتنفيذ إصلاحات جذرية وعززوا الانفتاح، وتم تحديد القرى المنكوبة بالفقر لانتشالها، وتم نقل أبناء الأقليات القومية ذوي الدخل المنخفض من المناطق النائية وذات التضاريس الوعرة إلى القرى التي بنيت حديثاً، كما تم نقل الملايين من الناس إلى منازل جديدة، وتجديد الملايين من المنازل.
وقد أدت الاستثمارات المدروسة جيداً إلى نجاحات باهرة بتركيزها على المجتمعات الأشد فقراً في البلاد، وفي مقاطعات أخرى، ذهب المسؤولون إلى الباب للتعرف على الأسر الفقيرة من أجل تزويدها بالتدريب المهني، ومساعدتها على القيام بالأعمال التجارية، كما تم تخصيص ميزانية للتخفيف من حدة الفقر.
في غضون ثماني سنوات، تحسنت مستويات المعيشة تحسناً جذرياً في الصين، وارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل في المناطق الريفية الفقيرة، وفي حلول عام 2021 استطاعت الصين أن تقضي على الفقر المدقع كلياً، وتحقق لهم حياة رغيدة.
كان السر الكبير في تحقيق هذا الإنجاز العظيم هو الدافع الداخلي في التغيير بالاعتماد على النفس، إضافة إلى أن الشعب الصيني يؤمن بأن الأعمال أعلى صوتاً من الكلمات، هذا الالتزام بمفهوم أهمية العمل انعكس على حياتهم، وتحررت عقولهم من فكرة الاستسلام، وتكاتفت جهود الشعب بالتعاون مع الحكومة فشمروا عن سواعدهم وبدؤوا العمل على الفور ووصلوا لهدفهم المنشود.
ويبقى للصين إنجازات أخرى ترقبوها بمقالات أخرى، تلك البلد التي لم تستسلم لقدرها المحتوم وإنما صنعت حظها بنفسها.