رمضان جريدي العنزي
لا يهدم الإنسان، ويورده المهالك، ويجعله عرضة للازدراء والتندر، ويوسمه بالفقر والحاجة والدين، سوى الكذب، أن الإنسان الذي يملك الخواء الروحي، وضعف الإيمان، يلجأ دائماً للكذب، ويستند عليه بدلاً من الصدق والحقيقة، يحاول أن يخدع الناس، وذلك بسرد القصص الكاذبة، وتلفيق الحكايا الباهتة، واصطناع الكلام المزيف، لكن سرعان ما تنكشف هذه الأكاذيب، وينقشع الغطاء عن الحيل والخدع التي يمارسها وفق سيناريوهات مختلفة ومتنوعة، فيتدحرج صاحبها نحو القاع والحضيض، أن تزوير الحقائق، وتزييف الصدق، بعيداً عن القيم الدينية والأخلاقية، يبعد الشخص عن فضاء الاستقامة، وأهداب الأدب، ويجعله منبوذاً من المجتمع القريب والبعيد، وتعظم مصيبة الكذب عندما يصدر من شخص يظهر بمظهر المتدين المستقيم، إنها الوقاحة بعينها، والسوء بعينة، والدناءة بكل المعايير الدينية والأخلاقية والإنسانية، يدعي الإيمان والثوابت والأخلاق، وبكل ضراوة يمارس عملية الكذب، وتلفيق الكلام، ويغرق إلى شحمة أذنه بألوان الازدواجية والتناقض، أن الشخص لا يكذب إلا عندما يموت ضميره، ويضعف إيمانه، ويصاحب الشيطان، لهذا تتناسل منه الأشياء الرديئة، ويخرج من فاه كل قبيح، أن شخصية الكذاب دائماً مهزوزة، كونه يظهر ما لا يبطن، ويمارس في السر غير ما يمارسه في العلن، ومن سمات الكذاب أنه يرفع شعارات العفة والبياض، وهو لا ينفك أن يغرق بغير العفة والبياض، ما عنده موقف ثابت، ولا قناعة راسخة، ولا مبادئ قيمة، مرائي ومخادع، مواعيده كاذبة، وأمانته مشروخة، ويضحك على الذقون، وبضاعته كلها مزجاة من البهت والأباطيل، إن الكذب من أتعس الطباع وأرداها، وهي محاولة شيطانية لافتراس العقول، وخلط البياض مع السواد، وذر الرماد في العيون، وصاحبه مثل الجرثومة التي تفتك بالجسد وتهدد كيانه وصحته، إن الكذاب لا يرحم أحدا، ولا يفرق بين أحد، ولا يتوانى عن تلفيق التهم لأي أحد، أياً كان هذا الأحد، يصنع البهت، ويهوى الدجل، ويتفنن في التلفيق، لا يحب التعايش مع الآخرين، ويفور دائماً كما يفور التنور، إن من تعود على الكذب، وآمن به، وعمل به، يسقط من أعين الناس، كبيرهم وصغيرهم، تضيع هيبته، وينتهي وقاره، ولن يفلح أبداً، وسيبوء بالخسران المبين.