لكل مرحلة عمرية ظروفها الخاصة بها، والتي تجعلنا نفكر فيها بمنطق النعمة التي حبانا الله بها، ونبحث كيف نشكر الله على هذه النعمة التي جعلها الله مناط السؤال: «وعن عمره فيما ضيعه»، فبعد أن يتجاوز الشباب مرحلة الطفولة بما تحمله من براءة ومرحلة الصبا بما تحمله من عدم تحمّل المسؤولية يدخل إلى مرحلة جديدة هي مرحلة الرشد وتحمّل المسؤولية والتفكير في الاستقلال وبناء المستقبل، وهذه المرحلة العمرية تبدأ في العشرين، وتاريخ العظماء يبدأ في هذه المرحلة وقبلها بقليل، ولا يُقاس عمر الإنسان بعدد سنوات عمره لكن يُقاس بإنجازه في هذه السنوات، وكم مرَّ على الحياة من تجاوزوا أرذل العمر لكنهم لم يحققوا شيئاً، وعلى النقيض هناك أسماء خلدت نفسها في سجل العظماء وهم في مرحلة العشرين، وهي مرحلة التكوين والبحث عن الذات والكدح والإنجاز وفوق ذلك هي مرحلة القوة بكافة أشكالها البدنية والمعرفية، دون تفريق بين ذكر وأنثى، وأمام تحديات الحياة يظل أصحاب الإنجاز هم الذين استغلوا هذه المرحلة في بناء عقولهم ومعارفهم دون إهمال أبدانهم، وحين يرى الشاب إنجازه في هذه السن فإنه يحرص على الاستمرار، لكن حذارِ أن تمر هذه المرحلة وأنت لم تتجاوزها بمعارف ومهارات جديدة تجعلك متواصلاً مع الحياة وفاعلاً فيها.
وقديما قال الشاعر العربي:
إن الشباب والفراغ والجِدَة
مفسدةٌ للمرء أي مفسدة
فلا تفرط في أسلحة العشرين لأن اليوم الذي يمر تطوى صفحته ولا تعود، فاغتنمها بما ينفعك وينفع وطنك ومحيطك، وإلى عشرين أخرى تحقق فيها ما تصبو إليه.