عبد الله سليمان الطليان
تتمتع الشخصية الحسنة التطور بصفات: من بينها قوة الإرادة، والمسؤولية، واستقامة السلوك، وعلى ضوء هذه المعلمات، وكونها واقعية، فإننا لن نجد كثرة ممن ينطبق عليهم هذا الوصف؛ لأن ضعف الشخصية داء مكتسب بالممارسة في هذه الأيام، والشباب الذين يبحثون عن هويتهم هم أولئك الأكثر تأثراً بهذه المشكلة، فاعتمادهم على الكبار، وعدم شعورهم بالأمان، نموذجيان لمجموعتهم العمرية، وافتقارهم لضبط النفس، والشك فيما يتعلق بطبيعة الخير والشر، والميل إلى أحلام اليقظة، والتساهل في التعليم أو استبداديته المفرطة والعقد النفسية، وفرط الحماية، والخصوصية غير المحددة لدور الذكر أو الأنثى، وسوء التكيف الاجتماعي، وثورة الأمزجة هي بعض الأسباب التي تعوق النمو المناسب لشخصيتهم، إن سوء استخدام العقاقير يتطلب اهتماماً خاصاً، ليس فقط انه يفسد الشخصية ويضعف الإرادة، بل أيضاً لأنه يدفع من يسيء استعمالها إلى ارتكاب الأفعال اللا أخلاقية وإلى الجنوح، أما الكبار، فتنشأ عيوب الشخصية عندهم من ممارسة أساليب حياتية خاطئة، تلك التي تفضل التبطل على العمل، والكسب السهل على الجهد المتعب، وضآلة النشاط البدني، والخوف من مواجهة التحديات الحديثة، والخوف من الدفاع عن الحقوق الخاصة، وفرط الحماية في الطفولة، والخجل، وغموض الدور المذكر، وسوء استخدام العقاقير، والتلفزيون وكمدخل إلى عقول الناس، يسمح للقيم الزائفة كالمادية، وفلسفة للذة، والتساهل باستعمار عقول الناس.
وينبغي أن نضيف إلى هذا حقيقة إن آلية الدعاية والتسويق بالكامل تعتمد على ابتكار عروض سهلة إلى حد مضلل لتشويق الفرد إلى التصور، دون وعي، إن العالم شجرة خيالية يمكن أن نقطف منها السلع والخدمات دون جهد. إن ذوبان الفرد في الحشود، يكون عنده وهم الإبحار عبر الحياة في مركب ضخم يقوده ربان مجهول، يرافقه إحساسه أنه «محمول» إلى مصير لا يد له فيه.
تهيئ الحياة في المدينة فرصاً لنمط من المواجهة البطولية، تجبر المرء على تنمية شخصيته مع أنه لا يريد أن يفعل ذلك، ولكن من ينجحون في تنمية شخصية قوية هم فقط من يطالبون أنفسهم، بشكل خاص، بتحقيق أهداف أعلى، ويأتي هذا النجاح كثمرة لممارستهم المتواصلة لضبط أنفسهم، ولكن أكثر ما يضعف الشخصية وقوة الإرادة ويدمرهما هو الانغماس الذاتي، كما في حال الكحوليين ومدمني المخدرات الذين يطلبون عادة من رفاقهم ما لا يطلبونه من أنفسهم. وهذا الانغماس الذاتي وهو مزيج هدام، من الكسل، ورثاء الذات، ومقاومة العمل المنهجي، إنه شكل من التساهل الخليع، الذي يتملص من الواجب، والعادات الحسنة، والقواعد الأخلاقية، إن النفور من بذل الجهد يحث الفرد على البحث عن طريق سهلة، ناسياً أن قيمة الأشياء تُقاس غالباً بصعوبة الحصول عليها، ومن يرتكب الرذائل لا يحتاج إلى الرغبة في أن يعيش على طريقته، انه في الواقع، يعيش دون تعب، في حين يتطلب السلوك الأخلاقي السليم دائماً موقفاً يقظاً وشخصية هادئة، مما يقتضي مداومة الجهد وقوة الإرادة طوال الوقت، ولكن السلوك الأخلاقي لا يظهر بصورة آلية وعلينا أن نتوصل إليه من خلال العمل والانضباط، وبالمقابل، إن الرذائل تشبه الحشائش الضارة نظراً لأنها تطفو تلقائياً على السطح ولا تحتاج إلى رعاية لكي تعيش.