عبده الأسمري
يعتبر السلوك الأساس الأول الذي يعكس «شخصية» الإنسان و»الفصل» الأمثل الذي يبلور «مسلك» الفرد.. ويتجه البشر في الحياة إلى مسارين من حياة اجتماعية ومن أخرى عملية وفي كلتا الحالتين تأتي «المسالك» كمواد خام تتشكل منها «الهوية» الفكرية والنفسية والسلوكية لكل مخلوق وتتباين وفق الاتجاهات والميول والقيم والتربية والظروف ومعالم العيش وطرائق التعايش.
بحكم تخصصي الدقيق في علم النفس وتأسيسي لمنهجي المناعة النفسية والدبلوماسية السلوكية وإعدادي لبحث متخصص عن أثر الصحافة على تعديل السمات الشخصية للمسؤولين ونظراً لمهنتي وحرفتي الأولى والمثلى والأبدية وهي الكتابة والصحافة فقد عاصرت العديد من المسؤولين واستخدمت كثيراً ولا زلت اتجاهات مهاراتي كصحفي ومواهبي ككاتب وقدراتي كمستشار نفسي في تحليل شخصيات العديد من المسؤولين في اتجاهات مختلفة من المناصب.
هنالك المسؤول صاحب الشخصية المركزية والذي تنطلق منها قراراته وتتحدد خلالها سماته من خلال خوفه على «الكرسي» المؤقت لذا تجده يتابع كل التفاصيل ويتلبسه «التوجس» من تحالف نوابه ووكلائه عليه لذا تجده يجيش موظفين مخصصين لنقل الأخبار إليه وهذا النوع من المسؤولين ينشغل بالتفكير في الغير ويصاب بهجمات من القلق والتوتر تؤثر في قراراته وفي استمراريته.
ونوع من المسؤولين يجيد «التطبيل» و»التبجيل» وحياكة المجاملات وصناعة المديح لمن هم أعلى منه فنراه منشغلاً بالمناسبات وحريصاً على الظهور الإعلامي والبهرجة الفارغة والفلاشات وهذا النوع صاحب شخصية «ماكرة « ويحمل سمات «أنانية» مقيتة.. لذا تكمن نهايته في كشف «المستور» من خلال «وقائع» العمل في جولة عليا مفاجئة تعتمد على الحقائق ولا تقبل التمويه..
وهنالك شاغل منصب لديه «عقد» نقص سابقة من تسلط مسؤول عليه في الماضي فنراه يتخبط في «حيل» دفاعية بائسة تعتمد على الإسقاط والإعلاء ويرتمي في فرض ديكتاتورية وهمية لا يهمه في ذلك «العمل» وإنما يحاول تنقية ما في داخله من «خبرات» مؤلمة فيحاول تفريغ عقده «الخاصة» على موظفيه فنراه «الجلاد» الذي يفرض العقوبة دون «إدانة» واضحة لذا تبقى نهاية هذا النوع «سريعة» من خلال دعوة مظلوم أو جرأة مضيوم..
صنف من شاغلي المناصب وعادة ما تكون العليا يعتمد على البحث عن «المبدعين» في دوائر مسؤولياته فيرمي عليهم كل «المهام» ويحاول التودد لهم بمزايا الترقية أو الصلاحية أو غيرها ولكنه يتشبث بكل إصرار أن ينسب النجاح لذاته.. وهذا يعد من أصحاب الشخصيات «الماكرة» والمحتالة التي تتسلق على ظهور الآخرين وتحاول منع شكواهم بإرضائهم وشراء صمتهم بأي طريقة.
نوع من شاغلي المراتب العليا يحصر كل همه في تلميع ذاته وفي تهميش جهود الآخرين وهذا من النوع الذي قدم للمنصب دون تعب لذا تجده يحاول تغطية نقص «الأداء» بحيل «الاستعلاء» ومحاولة فرض القيمة لنفسه وترى صورته في كل مكان وعادة ما يكون لدى هذا الصنف «متاعب» نفسية جراء موجات «تأنيب الضمير» المؤقتة التي تجتاح داخله ولكنه يواجهها بالإصرار على سلوكه الذي يعلم في قرارة نفسه أنه غير صائب وهذا الصنف عادة ما يتعرض للإعفاء أو كف اليد لأنه لا يملك أقل الأدوات لشغل المنصب ويقع ضحية «النرجسية» المفرطة و»الرعونة» الحاضرة.
هنالك من أصحاب المناصب من يخاف «المحاسبة « فيتشبث بالكرسي ويخشى حيل «الحرس» القديم المرافقين للمسؤول الذي قبله لذا تجده يغير رداء إداراته وينقل السابقين ليأتي بشلته «الخاصة» والذي يعرف تماماً سماتهم وسلوكهم فيبقون تحت نظره ضماناً لاستمراريته وهذا النوع صلاحيته في البقاء أكثر كونه يفرض «النجاة» دوماً ويحرص على البقاء في دوائر «الصواب» حرصاً على منصبه أولاً ثم تأتي مصالح العمل في مراتب لاحقة.
هنالك صاحب منصب ذو شخصية طموحة عملية مهنية شغل موقعه عبر «السلم» المهني تمرس على «العمل « وكان أداؤه معياراً لشغله «المرتبة» مما ولد لديه استشعار «المسؤولية» لذا نراه حازماً وعادلاً ومتزناً وحريصاً وهذا من الشخصيات الأطول بقاءً في مكانه ومؤهل للترقية في مواقع أخرى.
هنالك مسؤول ذو شخصية دقيقة وحريصة ومواظبة ملتزم بالأمانة حريص على مال الدولة وعلى خزائن الموازنة وعلى الصرف يضع «التقوى» عنواناً لمهمته يرى أن المنصب فعلاً «تكليف» وليس «تشريفاً» وهذا الصنف يكون مرتاح البال محبوباً من الموظفين المنضبطين مكروهاً من المتسيبين يكثر من قرارات التطوير لأنه تنحى بمصلحته جانباً وجعل الطريق ممهداً لمصلحة العمل وضمان الجودة.
الشخصيات متعددة ومن المهم أن تكون هنالك دراسات تعتمد على تحليل شخصيات المسؤولين «الكبار» قبل تعيينهم بناءً على منظومة من المعطيات والمؤشرات في سيرهم الذاتية وحتى جوانبهم الاجتماعية والاقتصادية وصولاً إلى تعيين «المؤهلين» و»المؤثرين» والاستغناء عن «الأنانيين» و»الفاشلين»!!