حين يأتي الحديث عن هذا الوطن العظيم، المملكةِ العربيةِ السعودية؛ تفيضُ مشاعر الحب والولاء والتضحية، وتتعاظمُ معاني الفخر والاعتزاز بكل ما أُنجز على مدى اثنين وتسعين عامًا، منذ بدأ مسيرتَه مؤسسُه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، الذي اختصر المسافة بين الأزمنة والأمكنة لتوحيد أطرافه، ومضى هو ورجاله المخلصون، يستسهلُ الصعابَ في جمع الكلمة، وتوحيد الصف، ونبذ الفرقة، وبناء الدولة الحديثة، في وقت مبكر من تاريخ المنطقة، على أسسٍ شرعية راسخة، وهويةٍ عربية متينة، مهتمًا باحتياجات الناس فوق هذه الأرض الكريمة، صغيرِهم وكبيرِهم، ومنطلقًا من مسؤولية الحاكم العادل، الذي آمن ببناء الإنسان قبل بناء المكان.
وهكذا مضى أبناؤه الملوكُ البررةُ من بعده، في مسيرة تنموية حضارية رائدة، مستندةٍ على قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، والبناء والتطوير على جميع المستوياتِ والأصعدة، حتى وصلنا إلى هذا العهد الزاهر بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو سيدي ولي العهد الأمين، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله-، لنتخطى دائرة الحاضر إلى المستقبل، بعزم وحزم، وبرؤية طموحة ثاقبة، تسعى لتحقيق واقعٍ أكثرَ أمانًا ووضوحًا لأبناء وبنات هذا الوطن الكريم، ولكلِّ مقيم ومقيمة على أرضه، ولترسيَ أسس النجاح والتفوق، متجاوزة التحديات بجميع أشكالها، ومعززة ثقتنا في ما نمتاز به من مواردَ ومكتسبات، وما نمتلك من مكامنِ القوة الإستراتيجية، واضعةً اسم المملكة العربية السعودية، جنبًا إلى جنب، في مصافّ الدول المتقدمة، ومعتمدةً -بعد الله- على سواعد أبنائها وبناتها في تحقيق أهدافها.
وحيث ننتمي إلى قطاع التعليم، ونعيش في ميادينه كل يوم؛ لا يفوتنا في هذا اليوم الأشمّ، أن نشيرَ إلى التحول الكبير الذي يشهده هذا القطاع، وأن نشيدَ بالاهتمام البالغ والدعم المتواصل الذي توليه له حكومتنا الرشيدة، والحرص على تعزيز كفاءة رأس المال البشري، وحوكمةِ الأنظمة والإجراءات التعليمية، وتنمية القدرات البشرية، وهيكلة القطاعات التعليمية والإدارية، والتركيز على جودة المخرجات وملاءمتها لسوق العمل، وتطوير المناهج وتحسين منظومة التدريب، وتنويع المسارات التعليمية والمهنية، ودعم مشاركة الجامعات في مجال البحث والاستثمار، ومنحها نظامًا جديدًا، يجعلها أكثر استقلالية، ويربطها بشركاء وممكنين، ويتيح لها الفرصة بصورة أكبر لترسيخ أقدامها ويمنحها تنافسية عالية في هذا المجال.
لقد كان تحديًّا كبيرًا لأن نصل إلى ما وصلنا إليه، وعمرًا قصيرًا من أعمار الأوطان لأن نكون على ما نحن عليه، لكنها العزيمة التي تحلى بها آباؤنا وأجدادنا، والولاء الذي عقدوه لقيادتهم، فأورثوهما لنا، ليدفعانا نحو تحقيق رؤيتنا المستقبلية، وتعزيز صورتنا الإيجابية، متوكلين على الله في مسيرتنا، وسائليه أن يحفظ على هذا البلد الأمن والاستقرار، وأن يرزقه التطور والازدهار.
** **
د. عبدالرحمن الطلحي - رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز