خالد بن عبدالكريم الجاسر
سحرٌ غالب لا محالة للتراث السعودي، الذي لا غيره خلاب، فلم يأسر فقط أبناءها، بل وقع في غرامه حشود تتوجه إليها أفئدتهم وفُتن بها كبار البشر وصغارهم حتى أصحاب الديانات الأخرى، وتبعهم العديد من قادة الغرب ملوكاً ورؤساء وكبار سياسات الأنظمة الدولية هنا وهناك، فها هو ملك بريطانيا الجديد تشارلز الثالث، أحد القادة الذين توشحوا بالثوب التقليدي السعودي، في حالة انصهار استثنائية بين الحضارات، متذوقاً الثقافة العربية في عُقر دارها وأصالتها عام 2014، في عهد الراحلة الملكة إليزابيث الثانية صاحبة الرقم القياسي بين الملوك البريطانيين في فترات تاريخية صعبة، تمكنت فيها من التوفيق بين الديمقراطية والنظام الملكي، وقد لا يتمكن الوريث تشارلز من الحكم لمدة تماثلُها، لكنهُ سيحاول الإصلاح و تحديث الملكية في اتجاه معين، لامتلاكه صفات (المتابعة الجيدة والذاكرة الجيدة والانضباط)، مما يُضيف سحراً ولوناً إلى حياة الأمة.
لقد أُطلق عليه لقب «تشارلز العربي»، بعد ارتدائه زي العرضة السعودية مع عدد من الأمراء بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 29»، واجداً الترحيب به في بلده الثاني المملكة العربية السعودية الدولة المضيافة، التي تربطهُ بها علاقة طيبة، إذ عُرف عنه دفاعه عن الإسلام، ومطالباته الدائمة بتخفيف اللهجة الموجهة للعالم الإسلامي، مُستنكراً إساءة الرسوم الكاريكاتيرية على العالم الإسلامي بـ «أمر مؤسف»، وهو صاحب علاقات كبرى بشخصيات عربية وإسلامية أصبحت صديقة له، ليكون الزائر الأوروبي الأكثر زيارة للسعودية تسع مرات، وفي العادة يزور البلدان المختلفة مرة واحدة كل خمس سنوات، قائلاً عنها في كلمته بمناسبة افتتاح منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» إن المملكة العربية السعودية تحظى بإمكانيات هائلة من الطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الخضراء، وهذه الإمكانيات من الممكن أن تتيح إمكانيات كبيرة لتوفير فرص العمل ومزيد من الاستثمارات».. هكذا فُتن تشارلز الثالث.. ملك بريطانيا بالفلكلور السعودي خاصة (السيف والعقال)، مرتدياً الثوب العربي وغطاء الرأس باللونين الأحمر والأبيض.. مسترقاً أنغام رقصة «العرضة»، التي تمايل عليها كثيرون غيره من العديد من قادة الغرب، أبرزهم الرئيسان الأمريكيان السابقان ترامب وبوش الابن، وأولاند الفرنسي السابق، شي جين بينج الصيني.. إنها المملكة وسحرها لا يأتيها إلا ولهان.