محمد سليمان العنقري
يشهد الاقتصاد الوطني نهضة واسعة، تشمل القطاعات والمجالات الفاعلة فيه كافة، ولعل أبرزها التحول الرقمي الذي أصبح سمة وتميز للمملكة على مستوى المنطقة والعالم في توسعه وشموله للخدمات والقطاعات كافة، ومن بين أهم الجهات الرسمية التي تشهد تسارعاً بتحولها الرقمي بخدماتها وإجراءاتها كافة هي هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وما انتقالها للعمل بالفاتورة الإلكترونية -الذي طبق في ديسمبر 2021 بمرحلتها الأولى- إلا شاهد على النقلة النوعية بتطوير تعاملات القطاع التجاري الضخم بالاقتصاد الوطني، حيث تحققت بهذه المرحلة التي بدأت تحت عنوان الإصدار والحفظ نجاحات عديدة، أهمها رفع حماية المستهلك في المملكة والتعاون الواسع من المكلفين كافة بتلك المرحلة نتيجة لثمار الوعي الملموس منهم، خصوصاً بعد أن قدمت الهيئة معلومات تفصيلية لهم عن الفاتورة الإلكترونية، وآلية تطبيقها مع أشكال الدعم كافة التي يحتاجون إليها، والمعايير الخاصة بها لتطبيقها تنظيمياً وتقنياً.
فالفاتورة الإلكترونية هي إجراء يهدف إلى تحويل عملية إصدار الفواتير والإشعارات الورقية إلى عملية إلكترونية، تسمح بتبادل الفواتير والإشعارات المدينة والدائنة، ومعالجتها بصيغة إلكترونية منظمة بين البائع والمشتري بتنسيق إلكتروني متكامل، وبعد أن حققت المرحلة الأولى أهدافها، أعلنت الهيئة عن تطبيق المرحلة الثانية «الربط والتكامل»، والتي يبدأ العمل بها في 1 يناير 2023م، والتي تهدف لربط أنظمة الفوترة الإلكترونية الخاصة بالشركات، مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك (فاتورة)، فمع اكتمال ربط أنظمة الفوترة الإلكترونية، ستكون جميع الفواتير موثقة وآمنة وبالصيغة المطلوبة، حيث سيتم تطبيق المرحلة الثانية على دفعات بدءًا من 1 يناير 2023؛ إذ ستقوم الهيئة بإعلام كل دفعة من المنشآت قبل بدء الإلزام بستة أشهر، وقد تم تحديد أول دفعة من المنشآت على أساس معيار حجم الإيرادات الخاضعة لضريبة القيمة المضافة للعام 2021، والتي تتجاوز إيرادات المكلف منها ثلاثة مليارات ريال، حيث تم التنسيق مع الدفعة الأولى من المنشآت التي استكملت المتطلبات كافة للمرحلة الثانية؛ إذ ستشمل متطلبات إضافية كربط أنظمة الفوترة الإلكترونية الخاصة بالمكلفين مع نظام الهيئة، وإصدار الفواتير الإلكترونية بناءً على صيغة محددة، وتضمين عدد من العناصر الإضافية في الفاتورة، حيث يجب التأكد من أن الحل التقني لدى المنشآت، قادر على الاتصال بالإنترنت، وكذلك وجود الحقول الإضافية بالفاتورة الإلكترونية لمتطلبات المرحلة الثانية، وربط الحل التقني مع منصة فاتورة، وكذلك إصدار وحفظ الفاتورة بالصيغة التقنية المعتمدة، حيث ستعمل الشركات الملزمة بالربط في التجهيز داخلياً، وبالتعاون مع مزودي خدمات وحلول الفوترة الإلكترونية للتأكد من متطلبات الربط.
الفاتورة الإلكترونية تعد نقلة مهمة في تطوير أعمال القطاع التجاري، وتحقق منافع عديدة للاقتصاد الكلي، وكذلك حماية للمستهلك، وتوفر الكثير من الجهد والتكاليف على المنشآت، ولأجل تحقيق أفضل النتائج ولإيصال المعايير والأنظمة التي تقوم عليها هذه الفاتورة، فإن الهيئة تقدم لأجل ذلك الدعم للمنشآت الملزمة بالربط ومزودي خدمات وحلول الفوترة الإلكترونية، عبر عدة وسائل، منها الكتيبات التعليمية والأدلة الإرشادية، وكذلك إجابات عن الاستفسارات كافة على موقعها الرسمي، مع فيديوهات توعوية، إضافة لمنصة خاصة بالمطورين، تشمل المتطلبات التقنية والفنية كافة، مع إقامة ورش عمل مع الشركات، لمعالجة أي تحديات أو عقبات، مما سينعكس إيجاباً بسلاسة على تطبيق النظام والوصول لأهدافه بالتدرج الزمني المحدد.