مها محمد الشريف
تندلع الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران بتظاهرات أوقعت عدداً من القتلى بعدما أعلنت السلطات في الـ16 من سبتمبر (أيلول) مقتل مهسا أميني، ورفعت الشعارات المنددة في الشوارع بالموت للديكتاتور، فهل يمكن أن يستجيب النظام الإيراني للضغوط، وهل يشكل مقتل الشابة أميني رمزاً لنضال المرأة الإيرانية ويصبح النضال من أجل الإصلاح، ويرتبط بمصير الشعب وتحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية نسائية تنتزع حقوق وحريات للنساء؟، وتظل علامة فارقة تستهدف إزالة العقبات.
كان هذا الأمر لدى هؤلاء الناس، محك حقيقي للتحرر من ديكتاتورية النظام الحاكم، فهل تهز الاحتجاجات السلطات الإيرانية؟، وما الممكنات التي ستكون متاحة بعد خروج الآلاف إلى الشوارع غضباً بعد مقتل شابة أوقفتها شرطة الآداب؟، ينظر العالم عن كثب لما يحدث في الداخل الإيراني في ظل الظروف الراهنة وما رافقها من انتهاكات وقمع، واكتفى بإدانة العنف والوحشية التي تمارسها القوات الإيرانية ضد المتظاهرين وقتل العشرات منهم، ولكن الصمت المحير بماذا يُفسر؟، هناك ما يكفي من فشل في الداخل صاحبه انعدام الشعور بالمسؤولية تجاه معاناة الشعب، فهو نظام يقترف أخطاء مرشدهم كما هو معهود، بل تعمد التصعيد بإغلاق وسائل التواصل وشبكات الإنترنت.
لقد قرعت أجراس الخطر في الشوارع وتساقطت الأرواح بين الأقدام وتساقطت معها عيوب التقدير من منظمات حقوق الإنسان فأين دورها في هذه الحالة؟ تدعى التسامح والتحضر وحماية حقوق الإنسان وتدافع عن الديمقراطية، فإذا بنا نشاهد أن هناك قدراً كبيراً من ازدواجية الغرب، التي وقفت ضد الأنظمة العربية مطالبة برحيلها، فكانت تدخلات دمرت ليبيا وسوريا واليمن والعراق، واستمر حمام الدم في سوريا وكذلك العنف في ليبيا والأزمة اليمنية لسنوات طويلة، كل ذلك يعكس نهج الأمم المتحدة في التعامل مع الملفات الساخنة في العالم، الذي تصاعد حتى وصل مرحلة التخاذل، أين دور المنظمات الدولية التي تنادي بالحقوق والواجبات؟، من هذه الأزمات المدمرة.
مع العلم بأن الولايات المتحدة دعت يوم الاثنين، 26 سبتمبر (أيلول)2022، إلى نقاش في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الوضع في منطقة شينجيانغ الصينية، حيث تتهم بكين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ومفوضة حقوق الإنسان تبدأ زيارة للصين محورها الوضع هناك، فماذا عن الشعب الإيراني الذي يواجه العنف ومجازر تظهر في الميادين أمام عيون العالم يواجه قدره المرعب الذي انقض عليه.
فمنذ عقود من الزمن تعامل النظام مع مطالب الشعب بالرفض الذي يعقبه قمع، واليوم تعلن الاحتجاجات في خضمّ أزمات مستعصية، ثورة شعبية كبيرة تتكرر تبحث عن معجزة تنتشلها من نظام بائد منذ أمد بعيد لا يقدم سوى صراعات يجيد إدارتها في الخارج والقتل في الداخل فأي صيغة سيتخذها الواقع للخروج من هذه الأزمات.