هاني جابر، مثقف بسيط في كلامه، أنيق في عبارته الشعبية التي أغلبها تقترب من الفصحى، فهو رجل يعشق وطنه، يحتفي ككل السعوديين بيوم الوطن، يتمنى أن يكون وطنه شامخاً وهو كذلك قوي ضد أعدائه، مسالم مع أصدقائه، هذا الهاني الهانئ لا أعرفه لم أقابله يوماً ما، لكن سمعت من يتحدث عنه بشغف ولهفة وافتخار، وأيضاً ثقافة وهذا ما شدّتني في سيرته، المسألة هنا لا تقاس بكم تملك من ثقافة أو مال لكن تزن بما تحمله القلوب من محبة وأخوة وإخلاص وما يحتويه العقل من تجارب عركتها السنين، وهذا الهاني يحمل بعض الصفات التي يتميّز بها دون غيرها منها على سبيل الحصر لا الكم: أنه رجل عصامي ومثقف، ثقافته رغم بساطتها بحجم أكاديمي، فالخبرات الحياتية التي يمتلكها كما قيل لي تفوق مجلدات دون مبالغة هذا الهاني بنى نفسه بنفسه حدّثني مَنْ أثق في حديثه ذاك الدكتور صديقي عن هاني جابر:
يا سعلي العم هاني رجل الوطن بداخله، حب القيادة حفظها تراهما في عينيه فرحا وبشرا ونورا، حين يذكر الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين محمد بن سلمان يقف ويضع يده اليمنى أمام جبينه محيّا لوحده هكذا لا يخجل ولا يكون الخجل فيه أصلا، بل يفتخر ويتباهى بوطنه وحكامه.
حين سكت الدكتور فجأة، ظننت أنه انتهى من كلامه، فعاد أكثر شوقاً وأكمل:
نعم العم هاني من زمن الطيبين، زمن الجود والكرم، زمن القوة مع اللين، زمن الشموخ الذي يشبه شموخ الوطن!
هنا قلت له: صديقي كيف كان يحكي العم هاني عن السعودية؟
قال مبتسما: يقف ويتحدّث، بحب وحنين يسرد كأنه قصّاص أو حكواتي في حكايته، أو شاعر يلقي معلّقة، أو كاتب يتفنن زخرفة الحروف.
له مواقف قبل وكيف كنّا، كثيرا ما يقف في صمت مهيب حين تأتي سيرة ملوك السعودية واحدا واحدا حتى يكمل بنهم حين يكون الحديث عن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده محمد بن سلمان يمدح بهيام عن هذا العهد الزاهر خصوصاً الشاب الأمير محمد بن سلمان مجدد السعودية وحامي ترابها يكمل صديقي الدكتور: العم هاني حج مرات ومرات وتكرارا ومرارا يستقي حبه لوطن ويشبه بمثل جميل لكن على طريقته، يقول العم هاني من رواية الدكتور:
أنا لوطني يا ولدي مثل السمك إن خرج من البحر مات تماما مثلي إن تراب وطني أغلى وأبهى وأزكى رائحة.
صمت صديقي الدكتور، وصمتُ معه لبرهة من الوقت تذكرت أن اليوم هو اليوم الوطني للسعودية دولة السيادة والثقافة والإعلام، إن أي مثقف وكاتب ومنظر وفيلسوف إن لم يكتب عن وطنه ويعبّر عن انتمائه لتراب الذهب الذي وضع قدميه عليه فلا يعدّ مثقفا بل كاذبا من داخله بفراغ من خارج روحه!
إن حب الوطن انتماء وولاء واعتلاء وصمود يزن الجبال رزانة، وتستبق الغمام طموحا، حب الوطن ثقافة ونعم أي ثقافة؟!
إننا نحتاج من يكتب سيرة هؤلاء من زمن الطيبين، إن أجيالنا تحتاج من يذكرها برجال صدقوا ما عاهدوا عليه قيادة توأمه مع الشعب لا ينفصلان، نصيحة أيها المثقف قُم انفض عن قلمك غبار الكسل، واملأ الفضاء بإبداعك تعبّر فيه عن وطنك.
وأخيراً
أن تعود خير لك من ألا تعود!
هذه عبارة في نظري غير عادلة من ناحيتين:
- أن تعود وحين تأتي يصك في وجهك الباب
- لا تعود وتبقى معلّقاً في سؤال:
أيهما الصواب أعود بلا فائدة، وإن عدت تبقى تلاحقك ما يسمّى «لعنة المقارنة» في نظري أجعل العودة منطرحة بين يدي الله سبحانه فإن عدت يكون التوفيق بيد الرحمن، وإن لم تعد هناك أمر خبأه الله لك ففي كلا العودتين خير يقدره الله لك، أعاننا الله على الفرار منه إليه فاجعل اللهم فرارا أن تفرّ إلى الله سبحانه وتعالى.
** **
- علي الزهراني (السعلي)