د.شريف بن محمد الأتربي
تابعت وتابع معي الكثيرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي فعاليات الاحتفاء باليوم الوطني في كافة مناطق المملكة، وكيف عبر أبناء الوطن عن فخرهم واعتزازهم بالانتماء له رافعين شعار: هي لنا دار.
ولم يعكر صفو هذه الاحتفالات سوى بعض الحوادث الفردية التي ظن أصحابها أنهم بمنأى عن المحاسبة أو العقاب، أو أنه لم يتم رصدهم فتمادوا في غيهم، ولكن هيهات هيهات أن ينجو أي مارق بفعلته، فحكومتنا الرشيدة -أعزها الله- وفرت لقطاع وزارة الداخلية كل الإمكانات التي تتيح لهم متابعة مثل هؤلاء المارقين.
هذه الحوادث الفردية هي عبارة عن سلوكيات خاطئة، ظن مرتكبوها أنه يحق لهم ارتكابها دون أن يجّرموا، وليس بالضرورة أن تكون هذه السلوكيات هي سلوك المجتمع كله، ولكنها تمثل الفرد نفسه، وبالتالي فهي مستهجنة من قبل باقي أفراد المجتمع.
والسلوك هو حالة من التفاعل بين الكائن الحي ومحيطه (بيئته)، وهو في غالبيته سلوك مُتعلَم (مكتسب)، يتم من خلال الملاحظة والتعليم والتدريب، ونحن نتعلم السلوكيات البسيطة منها والمعقدة. وكلما كان السلوك منضبطاً انعكس ذلك على المجتمع ككل.
ويُنظر إلى السلوك أيضاً على أنه كل ما يفعله الإنسان ظاهراً كان أم غير ظاهر، ويتأثر السلوك بالبيئة ويؤثر فيها، فالسلوك غالبا ما ينبع من البيئة الاجتماعية، فيتأثر بها ويؤثر فيها من خلال سلوكيات الأفراد.
والسلوك هو شيء نسبي، فما هو مرفوض في مجتمع ما، تراه مقبولا ومحببا في مجتمع آخر، لذا فالحكومات تسن القوانين لضبط السلوك بحيث لا يضر السلوك الفردي المجتمع ويهز أركانه، فتم تجريم السلوكيات الخاطئة حسب مستويات معينة طبقا لما يرتضيه المجتمع من هذا السلوك.
وفي مجتمعنا الإسلامي هناك حدود للسلوكيات، فالسلوك الفردي هو المعبِّر عن مدى أثرِ الإيمان في حياة الشخص، ولا بد أن يكون السلوك الفردي الإنساني موافِقًا لمقتضى الإيمان العقلي، وعندما تنتج العقيدةُ الإسلامية القائمة على التفكير لا التقليدِ السلوكَ الإسلامي المطلوب، عند ذلك يَصِح لنا وصْف السلوك بأنه «سلوك ديني».
وقد صدر منذ فترة وجيزة قانون الذوق العام وهو أحد القوانين التي تعم حرية المجتمع، ورغبة الدولة في ضبط السلوك بحيث لا تتفشى السلوكيات الخاطئة حتى تتحول إلى عادة وبالتالي تكون جزءًا من سلوك المجتمع.
إن ضبط السلوك يقوم على شقين، أولهما الشق الديني ورغبة الفرد نفسه في عدم اقتراف الخطأ، وهذا الشق يرتبط بالشخص نفسه والذي يلوم نفسه عند ارتكاب خطأ، أما الشق الثاني، فهو القانون الذي يجرم هذا السلوك وبالتالي فإن مرتكبه يقع تحت طائلة القانون، وهنا يأتي دور التعليم ووسائل الإعلام في نشر السلوكيات الصحيحة والتوعية بالسلوكيات الخاطئة والتي توقع مرتكبها تحت طائلة القانون، مثل الغش في الاختبارات مثلاً، أو التعدي على زميل، التفحيط ومخالفة قواعد المرور، وكذلك التعدي على الأفراد سواء كان التعدي جسدياً أو لفظياً.
وأخيراً ضبط سلوك الأفراد لن يجعلنا نرى هذه الفتاة التي تبادلت الضرب مع هؤلاء الشباب، أو نرى هؤلاء الصبية وهم يلبسون ملابس غريبة وينتعلون أحذية التزلق ويتسابقون بين السيارات معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
اضبطوا سلوكياتكم وسلوكيات أبناءكم بدلًا من أن تُضبط بالقانون أو بوجود شرطة السلوك.