عمر إبراهيم الرشيد
ظلت وزارة التربية والتعليم ولاتزال أكثر الوزارات تغييراً سواء لمن يتسنمون إدارتها من الوزراء أو لتغيير نظمها وسياساتها التعليمية، إلى جانب وزارة الصحة، لكني سوف أتحدث هنا عن وزارة التربية والتعليم . هناك مفهوم إداري شائع وهو أن الوزارات بإداراتها الوسطى أي بوكلاء الوزارة ومدرائها العامين، ذلك لأنهم يشكلون العمود الفقري لإدارة دفة الوزارة، والوزير هو من يوجه ويصدر القرارات الرئيسية وهذه مهام القائد في الأساس أياً كان موقعه وفي أي منشأة. وطبيعي أن تكون وزارة التعليم ملتقى أنظار الشعب على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم المعرفية، وأكثر الوزارات تلقياً للمدح لهذا القرار أو الذم لذاك، والنقد والاقتراحات وغير ذلك من وجوه التفاعل وأشكال الحراك.
شهد العام الماضي وهذا العام تجربة الفصول الثلاثة وما صحبها من تغييرات لم يعتدها الطلبة ولا أسرهم، وهي تجربة على كل حال تقبل الاستمرار أو التغيير بعد دراسة إيجابياتها وسلبياتها، مع إشراك الجمهور من أصحاب الخبرة والاختصاص في التربية والتعليم وعلم الاجتماع، وكذلك الأسر السعودية والمقيمين المستفيدين من الخدمات التعليمية سواء حكومية أو أهلية، في استفتاء منظم من قبل الوزارة وهيئة الأحصاء السعودية، سواء لنظام الفصول الثلاثة أو غيره من الإجراءات. ومثل هذا الاستفتاء من شأنه إشراك أولياء الأمور في تطوير وصنع العملية التعليمية وإشعارهم بدورهم المطوب وبالتالي إشراكهم في المسؤولية، وكما قلت إلى جانب المختصين وأصحاب الخبرة وهم جزء من الشعب على كل حال.
ولا يخلو الحديث عن التعليم من شجون، لجهة الحديث عن التعليم سابقاً وأحواله. فلو قلنا لأبنائنا إننا كنا ندرس في مراحل التعليم العام ما يقرب من خمس عشرة مادة مع كثافة تلك المواد وحجمها فسوف يجد صعوبة في تصور هذا الأمر، ولو حدثناه عن الضرب واستخدام العصا لمجرد التأخر عن الطابور فكذلك سوف يشمئز من هذه المعلومة. عدا عن صرامة الاختبارات ومركزيتها في ذلك الحين، وأتحدث عن السبعينيات والثمانينيات الميلادية. فهل التعليم سابقاً أفضل من وضعه الحالي؟، في رأيي أنه أفضل من ناحية نسبة الكفاءات التعليمية والمدرسين المتميزين فهي أعلى من الحالية، وكذلك الانضباط واستقرار العملية التعليمية نسبياً، أما الضرب المبرح والتعنيف - وقد نلت مع زملائي منه الكثير - فهو من سلبيات التعليم في الماضي.
ومسألة هيبة المعلم في السابق أراها خوفاً أكثر منه هيبة أو احتراماً. والتعليم الحالي يتوفر له التقنيات ووسائل الثورة الرقمية وضغط المناهج وتقليل عدد المواد، وهذه كلها إيجابية ويفترض أن تساعد الطلبة على جودة التعلم نوعاً لا كماً وفي جو تعليمي يمنع التعنيف والضرب، فقط تبقى عملية جودة الإعداد المهني للمعلمين والقادة التربويين مع التقدير والشكر للمتميزين منهم الحاليين.
إلى اللقاء..