أحب وطني ولدي سيلٌ من التعبير مكونًا مجرى يزجي أروع الدرر، وأجمل الكلم، وأبهى الصور، وأرقى الحديث، وأحسن الجمل؛ لأتحدث عن ديننا في سماحته، في علوه ووسطيته وعدله، في عزنا به ومنه وفيه وإليه، فلا العدى ولا تحريفهم ولا أباطيلهم ينقص منه. فاللهم الثبات.
إنَّ ديننا الإسلامي يدعو للمحاسن والمكارم وطيب الأخلاق، ويحث عليها ويرغب فيها، ويؤجر صاحبها أيضًا.
فإن أردت النجاة، وأردت السلام، وأردت الرحمة، وأردت الدين الحق، وأردت العبادة الحقة، والسلوك السوي، والتعامل الأمثل، وأردت الخير كله؛ ففي كتاب الله وسنة نبيه؛ فتمسك بهما واطلب من الله الثبات على دينه حتى تلقاه سبحانه جل وعلا.. فلا خير لنا بالبعد عن شرع الله، ولا أمل يرتجى حقيقة دون عبادته حق العبادة وإن كنا مقصرين، ولكن علينا فعل ما يجب فعله، راجين أن يتغمدنا الله بواسع رحمته؛ فالله يضاعف الأجور حتى على أبسط الأعمال يتقبل منك ويكتب أجرك.. فإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، والحياء شعبة من الإيمان، والكثير الكثير.
إنه دين يدعو للفضائل وينهى عن الرذائل.. دين حتى في مسألة النقاء حريص، ويدعو لنقاء وسلامة قلبك ولسانك وكل جوارحك.. ويأمرك بالصلاة؛ لتهذبك وتنهاك عن الفحشاء والمنكر.. حتى فيما يتعلق بنفسك وصحتك يدعوك للاهتمام بهما ويتكفل بترتيب حياتك وسير نظامك واستقامة مسارك، فعالمك كله هو محل اهتمام أيضًا. كم هو عظيم ديني الإسلام.
كما أن سيلي هذا يريد جرف كل الكلمات التي تسيء لوطننا الإسلامي المملكة العربية السعودية ودحض أباطيل الأعداء، وسوء نياتهم، وزيف قلوبهم، وتصحيح وهم عقولهم.. وإلا فليبقوا في سباتهم إن فشلت محاولتنا.. عفوًا بل إن نجحنا في إخمادهم.. ولم يقبلوا بإقناعهم بالحسنى.
أريد أن أتحدث عن وطني وفضائله وخيراته ونعمه التي منّ الله بها علينا بفضله وكرمه - وله الحمد -؛ فها نحن نشرب من ماء عذب غدق.. ونتلذذ بالسمن والعسل، ونأكل من ثمر وتمر.. ونروى من ماء ولبن.. وتظللنا النخيل الباسقة والأشجار الوارفة.. وبسحائب الخير ننتشي.. لا نرضى التذلل والخضوع إلا لله وحده، وقد أمرنا بخفض جناح الذل من الرحمة لوالدينا، وصلة أرحامنا، والإحسان لجارنا، والتواضع للخلق، ونفع الناس ومساعدتهم.. والرحمة حتى بالحيوان؛ فسقيا كلب كانت سببًا في المغفرة، وحبس هرة دون طعام وشراب أَدخلت النار.. وفي كل كبد رطبة أجر.. وبالإنسانية والرحمة تسمو النفوس الطيبة في سماوات الأنس والفرح.. والإحسان في كل شيء يعلو بالمقام ويجعلك تشعر بالأنس بالله تعالى، ونشوة الفرح تنقلك من غيمة لغيمة تزخر بالمطر، وقد بلَّلتْك الهناءة، ومَلَأ صدرك السرور والحبور. فاللهم ارزقنا وأدم.
وفي هذا الوطن - من قديم وحديث - نعيش بخير ونعم الله.. واليوم ملكنا سلمان العز، وولي العهد محمد الشهم ترتفع رؤوسنا بهما عزًّا وسؤددًا، في وطن فيه نحترم الكبير ونوقّره، ونرأف بالصغير ونرحمه، ونكرم الرجل ونقدره، ونرفق بالمرأة ونكرمها؛ ونسير على منهجٍ كريم.
قال تعالى: {إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ}. وحتى من هم على غير شريعتنا نعاملهم بالعدل والإحسان، ولا نرضى من أي أحد أن يمسَّ ديننا وعقيدتنا بطرف، أو يقلّل من قدر وطننا، أو أن يوقع الخطأ على أفراده، أو يلحق الضرر في مجتمعه.
والعجيب أن الأهاجي التي تقال عنا أو تقلِّل من مكارمنا ومحاسننا - بعين الكره والحسد من بعضهم - جاءت وهم يعلمون أن ما نقوم بفعله وما نعتقده هو الصحيح؛ وذلك: أن المكارم والمحاسن وطيب الأخلاق؛ تنهض بالأمم، وتصنع الحضارات، وتثمر الخيرات، وتنجب الأبطال، وتصعد القمم وتناطح السحاب، وتسمو بالإنسان للإنسان والإنسان للكائنات جمعاء. والحديث هنا يطول.. لكنهم الأعداء هم، غير الأسوياء في فكرهم، ونظرتهم للحياة تشوبها العلل، وفي قرارة أنفسهم يعيشون صراعًا بين الخير والشر.
وهنا أريد أن أتحدث من نفسي لنفسي ومن نفسي للمجتمع.. للعالم.. عن موضوعات شتى واهتمامات كبرى أهمها: إن محبة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والدين الإسلامي الحق هي المحبة التي تقود للخير والغفران، والسلام والأمان، والسعادة والإيمان، والحب والأمن والنجاة عند الاتباع الصحيح. وإن محبة الأرض والوطن تجعلك أصيلًا، والإخلاص لولاة الأمر يجعلك حكيمًا، فهم الذين يسعون لراحتنا - بارك الله فيهم - ساهرين بهمة لا تعرف الكلل ولا الضجر. فكن محبًّا لله.. معتزا بدينك.. مخلصًا لوطنك.. فأجمل أيامك هي عندما كنت تحبو في أرضك وتطعم من خيرات الله إلى أن خَطوت خطواتك الأولى فيها.. وكانت أمك فرحة وسعيدة؛ فلا تجعل خطواتك اليوم بعيدة عن الوطن؛ وأنت تعاديه وتحاربه بلا حجة أو دليل. ولا تكن عِبرة لغيرك باستحقاق العقاب؛ حينئذ تبكيك أمك حسرة على ضياعك في متاهات الفرقة والغوص في بحار الفتن.
فلا بَيِّنة في جدالك، ولا فائدة من عنادك؛ هي دولةٌ أسِّستْ على دينِ الله وشرعه.. وأساسها ونهجها ودستورها مصدره: الكتاب والسُّنَّة - ولله الحمد -، وملوكها قد لقبوا مقاماتهم بـ(خادم الحرمين الشريفين) وعملوا بذلك؛ فعد لطينتك.. لرشدك.. فالوطن قلب وانتماء، وولاء وإخاء، وروح وفداء، وبذل وعطاء.
ولذلك فإنه يجب علينا العمل على بناء الوطن بأيدٍ قوية، وصنع المجد بسواعد أبنائه، وتحقيق نجاحات فريدة تُظهر إنجازاتهم المشرقة، والتعاون أيضًا وحسن التعامل مع الذين يعيشون في وطننا من المقيمين الذين يقدرون فضل الوطن عليهم ولا ينكرونه، ولا يريدون الخراب لنا، بل الخير وفعل الجميل لوطن رحَّب بهم وفتح لهم السبل للعمل، وقدَّم الفضل لهم وساعدهم وأظلهم بظلاله وخيراته الوارفة.. وطن يضمهم كأبنائه، وهم بين أهلهم متى كانوا أنقياء في حبهم لهذا الوطن المعطاء المملكة العربية السعودية.
وخلاصة القول وتمامه أنه يوجد من الناس الخيرون الطيبون الذين يحبّون الوطن ويقدّمون الخير ويحبّونه ويتبعون طرقه، ولا يقبلون الشر بكل صوره وأشكاله.. أناس عظماء يدركون أن الحياة الدنيا هي للإعمار وليست للدمار.. وأن الحب - إن وجد - بَنى ونما وزاد الدنيا جمالًا وحبورًا.. وإن وجدت الرحمة استقامت الحياة وقوي الوتد، وتعاطفت قلوبٌ بالحب مُلِئَت وأَزهرت؛ فَأسعدت وسَعِدَت.