د.عبدالرحمن بن علي العريني
تتأكد أهمية الابتكار الاجتماعي في سعينا الحثيث والدؤوب لتعميق الأثر وتعظيمه؛ كونه وسيلة لمعالجة تحديات المجتمع أو الإشكالات التي تواجهنا بطريقة مختلفة تسهم في تحقيق أثر أعمق، وهنا تجدر الإشارة إلى أننا لن ننجح في مشاريعنا المبتكرة ما لم يكن هناك مشاركة فاعلة من المستفيدين، وهذه المشاركة ستصنع ثقة متبادلة، مما يُولِّد تفاعلاً مثمرًا وبناءً بين المستفيدين والمشروع -المكون الأساس لنجاح المشروع.
إن مشاركة المستفيدين في تحديد المشكلة وابتكار الحلول هو جزء من التغيير في فكر وسلوك المستفيد، وهو تسويق للمشروع؛ لضمان تفاعل أكبر. إن الابتكار يتطلب فهمًا أعمق للسياق وطبيعة تفكير المستفيدين وتعاطيهم مع المتغيِّرات، فقد تكون الفكرة ناجحة لكنها تفشل في إحداث تفاعل المستفيدين بسبب إغفالنا دراسة الجوانب الاجتماعية والنفسية والمعرفية والسلوكية للمستفيدين.
الانفتاح على الخيارات والأفكار المطروحة عامل مساعد في نجاح رحلة الابتكار، وأن نجعل تحيزاتنا التي تشكلت من خبراتنا تُسهم إيجاباً لا سلباً، فلا نجعل الأحكام المسبقة والتي ترسبت من تجارب سابقة عبر الزمن عائقاً عن إعادة النظر والتحليل والتفكير للوصول إلى حلول جديدة وخلاقة، أو تكون مؤطِّرة لطريقة تفكيرنا، فتجدنا نحاول أن نبتكر في طريقة تنفيذ نفس الوسائل والبرامج السابقة، ولم ننفتح على وسائل وبرامج جديدة مختلفة في هويتها ومنطلقاتها.
ولعلنا ندرك جميعاً أن الابتكار التقني أسهم في تغيير العادات وصنع ثقافة جديدة في مجاله، وكوَّن احتياجاً مجتمعياً جديداً؛ وهذا بدوره مكنه لقيادة التغيير، الجوالات الذكية، والإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي أمثلة صريحة، فلم تكن المجتمعات تعدها احتياجاً، بل ترفًا قبل عشرين عامًا، بينما الآن تعد ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها. وتبوأت دوراً مهماً في تغيير الفكر والسلوك الاجتماعي والنفسي، وهذا هو الدور المنوط بالابتكار الاجتماعي ليتعدى مجرد حل الإشكالات إلى قيادة التغيير، ولن يحدث هذا إلا إذا نشرنا ثقافة الابتكار على مستوى المنظمات والأفراد، وتم تشجيعها على جميع المستويات، وعقدت شراكات لتمتزج القطاعات الثلاثة أو التخصصات المتنوعة في القطاع غير الربحي لتنتج حلولاً رائدة مبتكرة متكاملة شاملة. وأن تكون أفكارنا وحلولنا المبتكرة مستشرفة للمستقبل لا مستجيبة للمتغيرات والمشكلات المجتمعية فقط، لأنها لو كانت مجرد استجابة للمشكلات المجتمعية فلن يقود الابتكار التغيير المنشود وسيتعاظم مع مرور الزمن تأثير عوامل ومتغيِّرات أخرى على الحلول المنفذة في عالم سريع التغيّر حتى نفقد مكتسباتنا.