رمضان جريدي العنزي
المروءة خلق جليل، وأدب رفيع، وخلة كريمة، وخصلة شريفة، وعادة حميدة، وصفة راقية، كمال في الرجولة، وطلاقة في الوجه، وزينة في العقل، يتميز بها الإنسان عن غيره من الناس، صاحب المروءة قمة شامخة، يحتل القلب والروح، ويستوطن خلايا الجسد، أخباره مفرحة، وتاريخه ناصع، يعيش بين الناس عزيزاً مكرماً مقدراً، وعند رحيله تبقى ذكراه خالدة يسجلها التاريخ بمداد من ذهب.
إن المروءة زينة الرجل، تبيّض وجهه، وتجعله مشرقاً وضاءً، وتكسبه الهيبة والوقار والاحترام، وتجعل الناس يقبلون عليه حباً وألفة ووفاءً، إن صاحب المروءة لا يفعل إلا ما يعلي شأنه، ويبتعد عن دناءة الأمور وسفاسفها، وحقارة التصرفات، وسيىء الانفعالات، والرذائل المشينة، يسمو عن دنايا المشارب، يصون خطاه، ويرتقي بنفسه، ويحافظ على سمعته، يعفو، يأمر بالمعروف، ويعرض عن الجاهلين، ويحفظ لسانه عن الخوض في أعراض الناس، ويصون لسانه من الاستهزاء والسخرية والتعليق المنافي للآداب، لا يتتبع زلل الناس ولا أخطاءهم، ولا يطير بالإشاعات التافهة، ولا يتصنع لنفسه الأبهة والبهرجة، ولا يبحث عن الضوء والصورة، لا يختال ولا يتكبر ولا يتعالى، لا يهمز ولا يلمز ولا يغتاب ولا يشمت، ولا يتلبس بلبوس الأخلاق والشيم وهو بعيد عنها، لا يؤذي الناس ولا يقول عنهم الذي ليس فيهم، والذي لا يقال، ودائماً يرتقي في مدارج الشرف والفضيلة والمثالية الحقيقية، لا هو مفتوناً بذاته، ولا يرى نفسه فريداً، ومبتعداً كثيراً عن شرور الغرور والانتفاخ، وحذر من الوقوع في الافخاخ، متواضع، لا يغتر بفعله وعمله، ويمقت التشدقات والادعاءات العريضة، نواياه بيضاء، وطيبته ونزاهته عالية ومميزة، يجمع مكارم الأخلاق، وكمال الأدب، وحسن السلوك، وجمال الحياء، وتمام الخلق الإنساني الرفيع.
إن المروءة من كمال الرجولة، فمن كانت رجولته كاملة، كانت مروءته حاضرة، إن المروءة مقياس الرجل وميزانه، ومن لا مروءة له، لا كرامة ولا احترام ولا تقدير له وإن كان ما كان، وبأي صفة كان، وصدق من قال:
إني لتطربني الخلال كريمة
طرب الغريب بأوبة وتلاقي
وتهزني ذكرى المروءة والندى
بين الشمائل هزة المشتاق
وصدق آخر:
بعض الرجال أجسام لكن تماثيل
جسم كبير وداخله قلب تمثال
يملى عيونك بالشكل كنه الفيل
ولا حان وقت الفعل كذبت الأشكال
ما ينفعك وقت الشقا والغرابيل
يا ليت تسلم من كلامه والأقوال
ومنهو يظن أن المظاهر دواليل
به ناس نقص وتلبس شماغ وعقال
بعض الرجال كبار لكن مهابيل
المرجله ما هي بالكبر والمال
والدلة اللي من دون نار ومعاميل
ما تسقي الخرمان لو ربع فنجال