سهوب بغدادي
وجهت السفيرة الأمريكية للأمم المتحدة بجنيف انتقادات شديدة اللهجة إلى الجزائر خلال الدورة الواحدة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان على خلفية ما وصفته بتدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر وتراجع هامش الحريات السياسية والإعلامية، ويأتي الاهتمام الأمريكي غير المسبوق بحقوق الإنسان في الجزائر بسبب انزعاج واشنطن من التقارب الواضح بين كل من روسيا والجزائر، فضلاً عن ظهور بوادر قيام حلف إستراتيجي بينهما في زيارة مرتقبة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى موسكو قبل نهاية العام الجاري بهدف خلق سُبل اتفاقيات وشراكات وثيقة، مما لا ريب فيه أن التعاون الروسي الجزائري مخيف للدول المتصدرة للمشهد السياسي، والتي تلعب دورًا لافتًا خلال الأزمة الروسية الأوكرانية، وينطبق ذلك على الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، إذ تداركت فرنسا هذا الخلل وبادرت بزيارة فرنسية ممتدة وممددة لنيل رضا الشعب الجزائري، أو بالأحرى إعادة الثقة الضائعة بسبب الأجندات العنجهية للانتخابات الرئاسية، فموقع فرنسا من معادلة الغاز أقل ضراوة من موقف الولايات المتحدة التي تفرض العقوبات وتندد وتشجب، أما عن دول الاتحاد الأوروبي، فقد تنضم الأخيرة إلى الولايات المتحدة أو تتقهقر مع تقدم انخفاض درجات الحرارة ووصول أزمة الطاقة إلى أوجها، من هذه اللحظة إلى الشهرين المقبلين سنرى اتفاقيات عديدة في مجال الطاقة والمجالات الداعمة والمتداخلة معها، كما ستبرز الجزائر وتلعب دورًا عالميًا بشكل غير مسبوق بسبب امتلاكها الغاز الطبيعي وموارد أخرى تؤهلها للتقدم على المسرح السياسي والدبلوماسي ومواكبة المجتمع الدولي، بالتأكيد سيكون ما سبق ذكره آنفًا في حال تحلت بلد المليون ونصف شهيد بالحنكة والحكمة في تقريب وجهات النظر وموازنة الكفة بين تقديس الماضي ومتطلبات الحاضر.