لا أحد ينكر تلاقي الثقافات وتلاقحها وبفضل التواصل الثقافي بين الشعوب ظهرت أشكال وأجناس أدبية جديدة، وهو الفن الشعري الأقصر في العالم، حيث يعتمد على التكثيف والمشهدية، أي اعتقال اللحظة وتجسيدها على جدار الروعة والإبداع، والمشهدية تعتمد على الطبيعة وفصول السنة والزمن وهذا الشعر القادم من اليابان على يد الأديب السوري «محمد عظيمة» عام 1966 حيث وجد له مكاناً ومساحة أرحب بين شعراء العالم العربي، كما نشاهد ونقرأ على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تزخر بروابط عربية كبيرة.
الشعر الهايكو ومثال على ذلك
رابطة الهايكو العربي والتي يشرف عليها الشاعر محمود الرجبي والدكتور عبد الستار البدراني وسامح درويش وكذلك رابطة الهايكو الحر والتي يشرف عليها الشاعر قاسم حبابه، ومن رواد هذه المدرسة الشاعر العراقي عبد الكريم قاصد وعبد القادر الجموسي من المغرب.
ويتميز شعر الهايكو بمقاطع صوتية المقطع الأول 5 مقاطع والثاني 7 مقاطع والثالث 5 خمسة مقاطع صوتية، وكثيراً من الأحيان يصعب الالتزام بالمقاطع الصوتية نظراً إلى الفرق الواضح بين اللغتين العربية واليابانية، فالمقطع الأول شديد الاختزال، والمقطع الثاني يصف المشهد والمقطع الثالث يعبر عن حدث الزمن المضارع، حيث يربط بين المشهد والحدث على شكل مفارقة أو إدهاش وتسمى الدفقة الشعورية، ويكتسب جماليته حين يندمج مع المشهد، وهو نتاج تزاوج كلمات النص أسماء وأفعالاً وحروفاً، ويُعد الشاعر الياباني ماتسو باتشو رائد شعر الهايكو بلا منازع القابع في صومعته مع أزيز الهايكو،
ومن نصوصه:
أول ما يسقط من الثلج
يكفي أن يحني
أوراق النرجس
هذا قمر الحصاد
ادور حول البركة
والليل ولى
ولعل استخدام المجاز فى الهايكو يكون بقدر يسير فلا لغة ولا أدب ولا شعر يمكن أن تنتج إبداعاً دون استخدام المجاز، فهو مفتاح الصورة الشعرية والبصرية، ولا بد للمجاز أن تفرضه ضرورة المعنى الكامن في النص وليس المعنى الظاهر في الوصف.
والهايكو المناسب للتجربة العربية هو الذي يحمل الخصائص والملامح الخاصة بالشعر العربي من مجازات واستعارات مع الالتزام بقواعد وروح الهايكو.
الرد على معارضي شعر الهايكو، هو إضافة جميلة للأدب العربي ولا سيما أنه من الأجناس التي تهتم بالتكثيف والمفارقة المدهشة، والتي يستسيغها القارئ ولا تأخذ منه الوقت الكثير فيصاب بالملل.
ويظل هذا الجنس الأدبي مشتركاً بين التجربتين العربية واليابانية لأن كليهما ينشدان الإمتاع للقارئ.
** **
- عبدالله أحمد الأسمري