عبدالعظيم العويد
عليك أن تعي جيدًا أن هذه الحياة لن تخلو من السيّئين وأن السيّئين بشر؛ ونحن نستطيع تغييرهم ما دامت أرواحنا في أبداننا. دائمًا كن لطيفًا ولينًا، لا تُحاول أن تصنع من نفسك إنسانًا سيئًا لمجرد أن أحدهم أساء إليك، ولا تُقابل السيئة بالسيئة، وتذكر قوله تعالى: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ»
هُنا يظهر معدن النفوس الطيِّبة الذين ينتصرون على إساءة الناس إليهم أثناء معاملتك للناس تذكر أنك لا تتعامل مع أهل منطق؛ بل أصحاب عواطف وشعور، وأنفس حافلة بالأهواء والكبرياء والغرور، واعلم أن اللوم أكثر ما يثير غضب إبن آدم، فبدلاً من أن نلوم الناس، نحاول أن نفهمهم، وأن نقتنع بأنّا لو كنا مكانهم فربما فعلنا أسوأ مما فعلوا، فهذا أفضل من اللوم بكثير، دائماً حاول أن تسامح وأن تعفو وأن تصفح عن الآخرين، لأنك من المؤكد في يوم من الأيام ستخطئ حتماً وحينها تجد من يسامحك مثلما كنت تسامح.
حاول أن تركز على الصفات الجميلة في كل من هم معك، وامنح تقديرك المخلص المنزه، وكن مسرفاً في ذلك، يحفظ الناس كلماتك ويذكرونها سنواتٍ طوالاً حتى بعد أن تنساها أنت.
لماذا تتكلم دائماً عمَّا تحب؟ بداهةً أنت تحب ما تحب وسوف تحبه دائماً، ولكن محدثك قد لا يشاطرك هذا الحب، إذاً فالطريقة الأنجح للتأثير في الشخص الآخر هي: أن تتحدث معه فيما يحبه ويفضله ويرغب في الإطراء فيه سأحكي لكم قصة في رواية للأديب الفرنسي فيكتور هوغو الشهيرة بالبؤساء تمثِّل شخصاً يدِّعى جان فالجان الذي عانى من الحرمان، ثم بعد ذلك خُلق ليكون الشمعة التي تذوب في سبيل أن يحظى غيرها بالنور.
حيث قام في بداية عمره باقتراف عدد كبير من الأخطاء سابقاً كسرقة رغيف خبز احتاجه لكي يؤمّن القوت لعائلته، تم سجنه بسبب هذا الرغيف خمس سنوات امتدت بسبب محاولات الهروب التي قام بها إلى تسع عشرة.
بعد خروجه من السجن أصبح الناس يعاملونه بقسوة تامة ولم يكن رجل يقدم إليه طعاماً بسبب ورقه صفراء أعطيت إليه بدلاً من هويته لتجعل الناس يحذرون منه.
و في أحد الأيام في بلده دين الفرنسية رأى شخصاً يدعى القاضي ميريل جان فالجان فقال له تعال وبت الليلة عندي فذهب وقدم القاضي لجان فالجان طعاماً في طبق من فضة لفت انتباه فالجان فقام بسرقته رغم أن ميريل هو الوحيد الذي عامله معاملة إنسان وفي اليوم التالي أمسك رجال الشرطة بجان فالجان واقتادوه إلى القاضي ليثبت أنه سرق الأواني الفضية ولو تأكد ذلك سيوضع جان في السجن للأبد.. لكن ميريل أعطاه بقية الأدوات وقال: أنا من أعطيت تلك الأدوات الفضية لفالجان إلا أنه تسرَّع في الرحيل ولم يأخذ ما تبقى من تلك الأدوات، فأعطاه ما تبقى من الأدوات وطلب منه أن يبدأ حياة نظيفة ونزيهة وأن يُسخر حياته لخدمة الآخرين، ثم بعد ذلك تطورت شخصية جان فالجان ليصبح غنياً وكريماً وعمدة لإحدى المدن الفرنسية وقام بتربية طفلة يتيمة تُدعى كوزيت، لينقذها ويعوِّضها حرمان أبويها والبؤس الذي مرت به.
كن كالقاضي ميريل ولا تُعامل الناس بما يعاملونك به، واجعل لنفسك من القيم والمبادئ ما يجعلك لا تنحدر إلى السفح، دائمًا أصحاب القلوب الرحيمة أولئك الذين ينثرون الأخلاق بين الناس هم أصبر الناس على الأذى، وتحمّل الإساءات؛ لأن الغرباء هم الذين يصلحون إذا فسد الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: «درجة الحِلم، والصبر على الأذى، والعفو عن الظلم؛ أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؛ يبلغ الرجل بها ما لا يبلُغه بالصيام والقيام» قال تعالى: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ».