العقيد م. محمد بن فراج الشهري
ما بين القهر والظلم توالت على الشعب الإيراني حكومات خمينية لا تعرف للعدل مكاناً، ولا للإنصاف رسولاً.. ليست هذه المرَّة الأولى التي يخرج فيها الشعب الإيراني إلى الشوارع مطالباً بحقوقه، بل لقد كان هذا الخروج مرات ومرات، سنوات وسنوات، استخدم ضد هذا الشعب كل وسائل العنف، والتعذيب، والتنكيل وامتلأت السجون بالمعتقلين، وتم تصفية الكثير منهم لا لشيء إلا لأنهم يطالبون بحياة كريمة، واستثمار خيرات بلادهم فيما يعود عليهم بالنفع بدلاً من صرف ثروات البلاد على مليشيات الشيطان، والحرس الثوري الإرهابي، دون الالتفات لما يعانيه الشعب الإيراني من فقر، وعوز، وانعدام للخدمات، وانعدام الموارد الرئيسية المهمة للمواطن الإيراني... وهذه المظاهرات الأخيرة لن تكون كما كانت سابقاتها الآن تسير إلى أسبوعها الخامس مجتاحة معظم المدن والأقاليم، وأحدث هذه المظاهرات في رفسنجاني جنوب شرقي إيران، وفي العاصمة طهران، ومشهد، ومهرشهر، فيما ارتفعت شعارات «الموت لخامئني والموت للدكتاتور» في ساحة هروي بطهران. والسلطات تلجأ للروايات الكاذبة لنفي تعذيب وقتل وسجن المحتجين.. ووفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك لجنة متابعة أوضاع الأشخاص الموقوفين في إيران تم اعتقال أكثر من 400 ناشط سياسي ومدني وطلابي خلال هذه الانتفاضة التي عمّت أرجاء البلاد، فيما تم اعتقال أكثر من 300 طالب جامعي في جامعات مختلفة، هذه الإحصائية تضاف إلى آلاف المتظاهرين الذين تم اعتقالهم من قبل السلطات الإيرانية خلال الاحتجاجات، مما يعكس هلع هذا النظام الفاشي من هذه الاحتجاجات، بحسب ما أفاد موقع «إيران إنترناشيونال» وقد توالت الإدانات الدولية ضد إيران، وما تقوم به حكومتها من معاملة جنونية ضد مواطنيها، كما صادق البرلمان الأوروبي بأغلبية مطلقة على إدانة العنف ضد المتظاهرين في إيران، كما هو الحال بالنسبة لغالبية شعوب وحكومات العالم التي أدانت ما تقوم الحكومة الإيرانية ضد شعبها، كذلك استمرت الاحتجاجات في كافة المدن الإيرانية، كما خرجت مظاهرات ليلية في عدد من المن الإيرانية خاصة في العاصمة طهران، وشيراز، وجزيرة كيش، بالإضافة إلى بلوشستان، وسنندج، فيما أضرم المتظاهرون النار في إعلانات تحمل صورة المرشد الأعلى علي خامئني في الأهواز، وهذه المظاهرات والاحتجاجات لم تكن بأسباب قتل الشابة مهساأميني فقط، بل هي تداعيات وتراكمات قهر، واستعباد، وسوء تعاملد المواطنين الإيرانيين، والمقيمين على أراضي إيران، أيضاً كذلك نتيجة أزمات متراكمة داخلياً، وخارجياً، لم ينجح النظام الإيراني في معالجتها، فاستخدم حبال المشانق في الشوارع، حتى أصبحت تتصدّر دول العالم في تنفيذ عقوبة الإعدام للمعارضين لسياساتها، وفق تقارير منظمة العفو الدولية، فالمشانق كانت دائمة الحضور كسياسة قمع ممنهجة لدى النظام الإيراني، مارسها النظام كعادته في الهروب إلى الأمام، ظناً منه إنه بصناعة أزمات أخرى تنتهي الأُول، أو بتصديرها للخارج، ما جعل إيران دولة منبوذة في محيطها العالمي، بسبب تدخلها في صراعات إقليمية أشعلت نيرانها ولم تطفئها، كما هو الحال في اليمن، والعراق، ولبنان، وتكرار سلوكيات النظام الإيراني القمعية أصبح لها شهود من الداخل الإيراني، فقد قالت السيدة/ فايزة رفسنجاني عن النظام الإيراني «أنه قتل من المسلمين أكثر مما قتلت إسرائيل « ووصفت النظام بأنه ينهار من الداخل، هذا النظام يواجه اليوم شعبه الذي لم يستطع تحمل المعاناة والكارثة التي تسبب فيها هذا النظام له من قمع وتكميم أفواه في ظل فقر، وجوع، ومرض... ولم يعد لديه تحمل أكثر مما مضى، والنظام الفاشي الإيراني لم يتوقف عند التمييز العنصري وفق العرق، بل تجاوزه إلى قمع الطوائف الدينية الأخرى، ومنعها من ممارسات حقها في العبادة والتعبد بحرية، هذا النظام يحاول الاختباء خلف أصبعه مما يجعله دائماً مكشوفاً، بل منقوصاً أمام العالم، بسبب سياسات خاطئة يصر عليها الحرس القديم للخميني الذين لا يزالون يمسكون بزمام الأمور في البلاد، ومنها هيئة رعاية مصلحة النظام، التي يمكنها عزل المرشد إذا خرج عن خط سير «ولاية الفقيه» والمنهج الخميني... خلاصة القول أن النظام الإيراني سيجني الكوارث تلو الكوارث ما دام يمارس سياسة التجاهل للواقع المرير الذي يعيشه الشعب الإيراني والأقليات، من ظلم «الباسيج» و»الحرس الثوري» وحماية نظام ولاية الفقيه، وجميعهم يمارسون القمع لصالح بقاء النظام، ولو على جثث الشعب الإيراني الذي حُرم من ثرواته الضخمة والتي صُرفت على مليشيات الشيطان وتوابعها، ونشر الفوضى في المنطقة وعدم الالتفاف لما يجري في الداخل وسيكون القادم أشنع وأبشع وأفظع في ظل هذه الحكومات الفاشية وغداً لناظره قريب..