الثقافية - كتب:
يواصل الدكتور محمد الخازم العمل على مشروعة النقدي المستمر لما يفوق عقدين من الزمن لسياسات وبنى التعليم السعودي بالذات في ما له علاقة بالمنظومات الجامعية وأدائها. فبعد كتابيه المعروفان في هذا الشأن: اختراق البرج العاجي وجامعة 2030: يأتي كتابة الجديد «حكايات على الخشم». الكتاب الذي يمزج الرؤية النقدية بالسيرة العملية أو التجربة الشخصية متقمصاً دور الحكواتي، كما وصف نفسه. وصف الحكايات يأتي للإفلات من صرامة المنهج الأكاديمي والتواضع في وصف الآراء الوارده فيها.
«حكايات على الخشم» مؤلف ختمه الخازم بفصل أسماه «إثارة قلم» وفيه استعراض لمقالات وردات فعل، تستحق التأمل حول علاقة الكتابة بالوظيفة وهل تجني كتابة الرأي على صاحبها عندما يتعلق الأمر بالنقد للقطاع الذي ينتمي إليه مهنياً؟ هل يفترض من كاتب الرأي تجنب الكتابة في مجاله التخصصي وخبرته لغرض تجنب غضب مرجعيته الإدارية؟ هل هناك فرق بين الكاتب / الإعلامي وبين صاحب المشروع النقدي في مجال محدد؛ تعليم أو صحة أو غيره؟
تلك أسئلة أثارها الكاتب وتستحق وقفات ونقاش أطول، نتركها لحين آخر، لكننا نستعرض هنا كتاب حكايات على الخشم، وقد بدأ بإهداء مثير: «أحمل على ظهري كثير من حكايات الزمن، المفرحة والموجعة.. إلى من لم يتعرفوا علي ولم يعرفوا من أنا.. إلى بعضهم، هنا جزء من حكاياتنا/ حكايتكم: شاركوني حمل ما تيسر منها» سؤال عريض يتطلب الغوص في الحكايات لمعرفة من هم الذين قصدهم الكاتب ويود مشاركتهم حمل عبء التجربة؟
بدأ الكتاب بسرد عناوين إدارية أسماها شذرات تضمنت بعض الأفكار حول القيادة والإدارة وقيمها وأسس نجاحها والفرق بين قيادة المنظمات الأكاديمية وغيرها من المنظمات. الفصل الثاني كان عنوانه (الفيراري) وفيه أشاد الكاتب بما قدم من دعم ورعاية – بالذات من لدن الملك عبدالله رحمه الله – للتعليم وأحد منظوماته ممثلة في جامعة الملك سعود عبدالعزيز للعلوم الصحية. واعتبر ذلك الدعم كمن يمنحنا سيارة (فيراري) ليحثنا على خوض سباقات (الفوروملا) العالمية، حيث الطموح بتجاوز المحلية إلى العالمية. توفر السيارة (الفيراري) يتطلب منا المعرفة بقيادتها، كما يشير الخازم.
الفصل الثالث كان عن الحكواتي مؤلف الكتاب وفيه سرد لتنقلاته العملية وبعض مهاراته المهنية والقيادة. في الفصل الرابع برزت المسطرة النقديةالحادة بشكل أكبر، حيث أتكأ الكاتب على خبرته العريضة ذات العلاقة بتأسيس أكثر من مشروع تعليمي وصحي ليستعرض أهم أسس تأسيس منظومة حديثة. تحديداً أشار إلى أهم الأركان الإدارية من وجهة نظرة التي يجب العمل عليها عند البدء في تأسيس منظومة جديدة وكيفية ممارستها؛ المرجعية التنظيمية والقانونية، الخطة الإستراتيجية، الهيكل التنظيمي، واللوائح والحوكمة. وإذا كان التركيز هنا عن التنظيم المؤسسي فقد جاء الفصل التالي ليستعرض مبادرات أكاديمية وغير أكاديمية للإشارة إلى أن بناء الجامعة يتطلب نقاش مختلف المبادرات والأفكار حتى وإن كان مصدرها خارج الصندوق الفكري الذي يقود المؤسسة.
الفصل السادس جاء للنقد المعماري وبدأه الكاتب بالإشارة إلى مكونات العمارة الثلاثة: الوظيفة، المتانة، الذائقة، ومن ثم محاولة تطبيق تلك المعايير لتقييم البناء المعماري لأية مؤسسة وتحديداً للجامعة. حيث يرى الخازم أن البناء الجامعي ليس مجرد قاعات درس بل هوية ورؤية ثقافية وفكرية ومجتمعية. الكاتب فضل استخدام مصطلح القرية الجامعية بدلاً من المدينة الجامعية، لأنه ينظر للقرية مجتمع يتألف ويتعاون بينما المدينة مجتمع يتطاحن ويتنافس.
«حكايات على الخشم» صدر في أكتوبر 2022م عن الدار العربية للعلوم ناشرون في 230 صفحة.