خالد بن حمد المالك
بسقوط نظام شاه إيران في العام 1979م سارع الخميني إلى الإعلان بعد أقل من شهر عن أن إيران أصبحت جمهورية إسلامية، وبدأ سياسته في نشر التشيع، والتخطيط للتوسع على حساب دول الجوار، والتصادم مع الغرب، وافتعال الخلافات مع عدد من الدول، وكان ذلك إيذاناً بانقلاب على سياسة نظام الشاه، ما عرَّض النظام إلى حرب دامت ثماني سنوات مع العراق، وإلى عزلة دولية كانت نتائجها انهيار الاقتصاد، وتوقف التنمية، وازدياد أعداد العاطلين عن العمل، وتبني أجندة تقوم على دعم الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
**
مات الخميني غير مأسوف عليه، ولم تتغيَّر سياسة إيران، وظل ما تبناه الخميني إلزاماً على من أصبح مرشداً بعده، وملزماً لرئيس البلاد والحكومة، فكان أن عانى الإيرانيون من الفقر والظلم، وعدم تمتعهم ولو بأدنى درجات حقوق الإنسان، والويل لمن يرفع صوته محتجاً، أو يخرج إلى الشارع في مظاهرة سلمية للتعبير عن حقه كمواطن عن سوء الخدمات، وتهاوي الاقتصاد، وآثار عزلة البلاد على حياة الناس ومعيشتهم.
**
نظام الولي الفقيه أدخل إيران في نفق مظلم، وجردها من الدولة المدنية التي تحترم الإنسان، وترعاه إلى دولة راعية للإرهاب وممولة له، ومصدرٍ لتفشيه في أكثر من دولة، من خلال الحرس الثوري الإيراني الذي يقود العمليات الإرهابية عن بعد، حيث تنتشر خلايا هذا النظام البغيض في عدد من الدول على امتداد قارات العالم، وكانت البداية والأكثر دموية تفجير مقرات قوات حفظ السلام الأمريكية والفرنسية في بيروت، ما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثمائة شخص من هذه القوات، ثم توالت بعد هذا الحادث الكثير من العمليات الإرهابية.
**
ومسلسل العمليات الإرهابية لا يتوقف، وإنما يستمر بأسلوب ممنهج، وإن تنوعت الأساليب والآليات ونوع هذه الجرائم، ولإيران ضلوع بها، وحضور تؤكده الأدلة والبراهين، دون أن تتخلى عن سياستها في زعزعة الأمن والاستقرار في عدد من الدول المستهدفة، مع وجود أدلة تدين هذا النظام، وتحمّله المسؤولية، وإن تم من خلال وكلائها، كحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وفصائل من المليشيات في العراق، وعناصر من المليشيات في دول أخرى يتم توظيفها لهذا الغرض، ما جعل من إيران دولة إرهابية بامتياز.
**
وما يجري الآن في إيران من احتجاجات شعبية واسعة في جميع المدن الإيرانية ضد تسلط النظام، وقهره للمواطنين، وتنكيله بالأحرار ممن يرفضون الخنوع لنظام ولاية الفقيه أو يطالبون بالحرية، واحترام حقوق الإنسان، وتحسين الوضع المعيشي لهم بدلاً من تبديد ثروة البلاد في الصرف على أذرعة الدولة الإرهابية في الخارج، فإن مصيرهم القتل، والزج بالسجون، والتعذيب، والتعامل بقسوة، ما لا يقوم بمثله نظام آخر في دولة بالعالم.
**
ومع أن العالم تصدمه مشاهد الإفراط في قسوة رجال أمن النظام في تعامله مع التظاهرات السلمية، فإنه مع الأسف لا يبدي مساعدته لهذا الشعب لحمايته من البطش والتنكيل، ومن المعاملة غير الإنسانية مع شعب يواجه قوى أمنية فاشية مدججة بالسلاح، فضلاً عن أن يعبِّر العالم عن تضامنه مع مطالبهم المشروعة، وتأييدها، والتأكيد على أحقيتهم في ذلك، فالشعب الإيراني يواجه كل هذا أمام صمت العالم، وتجاهله لحقوقه، ما شجع نظام ولاية الفقيه منذ أكثر من أربعين عاماً على إدارة شؤون البلاد بالحديد والنار، وبمثل ما نراه الآن.