سلمان بن محمد العُمري
يقال الفكرُ الجميل من جمال التفكير، وجمال التفكير من النوايا الطيبة، وطيب النوايا من نقاء القلب، وكما يقال «على قدر النوايا تكون العطايا».
ومما أعجبني في هذا الشأن تغريدة جميلة سطرها يراع أخي الشيخ الشاعر/ عبدالمجيد العُمري يقول فيها: «من الجميل والحسن حرصك على نظر الناس إليك نظيف الثياب، والنظافة من الإيمان، والأجمل والأولى أن تحرص أكثر على أن ينظر الله إليك وأنت نظيف القلب، طاهرًا من كل دنس».
نعم، ما أجمل أن ننظف قلوبنا باتباع ما أمر الله عز وجل واجتناب ما نهى عنه، وهذا أمر واجب يثاب فاعله ويعاقب تاركه ويكون ذلك إيمانًا واعتقادًا وعملاً بالجوارح، ثم تأتي المستحبات كأن نضع في قلوبنا دائمًا نية الخير وعندها سيتولى الله أمرنا في كل شيء، وكل من سلم صدره وقلبه على غيره وسامح وغفر وتجاهل، وأحسن الظن فهذا من الطاهرة قلوبهم السليمة صدورهم؛ فالحياة لحظات تستحق أن نعيشها براحة وسلام وابتسام بعيدًا عن الشحناء والبغضاء، وعن الشقاق وسيء الأخلاق.
وعكس ذلك من يكون سيء الظن ويحمل في قلبه الضغينة والكراهية والحسد، ولا يتمنى الخير للغير، عبوس الوجه، همته عالية في إلحاق الأذى بالآخرين، ولا يعرف للخير سبيلاً، بل يتعدى أن يكون من المثبطين للناس عن عمل الخير.
وهؤلاء جهلوا الوعد الرباني الكريم في صلاح القلوب والنوايا، وأنه تأتي بها المكارم والعطايا ولم يحسنوا قصدهم ونيتهم، ولم يطهروا قلوبهم لينالوا رضا الله عز وجل ثم رضا الخلق، وجهلوا الوعود الربانية «إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مّمّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ».
والله سبحانه وتعالى مطلع على القلوب والنوايا، وإن أظهرنا عكس ما نضمر ونبطن وأسررنا خلاف ما أعلنا، والله عز وجل يقول: «ربكم أعلم بما في نفوسكم»؛ فيا غافل انتبه، ويا ملتزم ارح قلبك؛ فإن الله تعالى لا يضيع سلامة الصدر وطهرة القلب وصدق النوايا، ولا تخف من الناس لأنك لا تعلم النوايا المخفية في قلوب البشر، لكن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم النوايا الحقيقية لكل شخص فاطمئن، ولتعلم أن البعض مهما أخفى وتخفى وتزين ببعض الأمور؛ فما في القلب سيظهر على الجوارح يومًا ما طال الزمان أو قصر.
والبعض يستحون من الناس ولا يستحون من الله، وهذا تهاون بحق الله عز وجل، ومثلهم المجاهر المكابر الذي ساء مخبره ومظهره ويجاهر بمعصيته وغيبته ونميمته وبهتانه وتجده حريصًا على نظافة ملبسه ومظهره ولكن لسانه وقلبه ويده امتلأت بالأذى والدنس فلم يسلم من شره حتى أقرب الناس إليه؛ فهو أناني وذاتي ولا يود الخير إلا لنفسه فقط.
إن الإنسان الأنيق في لفظه وعمله وتعامله وحديثه وسائر أموره يقتحم أعماق كل من يقابله ويحظى باحترام الجميع بطريقته وإن كان بسيطًا، والبعض لو تزين بزينة الدنيا فهو غير مقبول مطلقًا والأرواح جنود مجندة ما ائتلف منها ائتلف، وما اختلف منها اختلف، علاوة على أن البعض ينزل الله محبته في قلوب خلقه حينما يعلم صدق نيته وإخلاصه؛ فاصدق مع الله؛ فإذا صدقت عشت بين عطفه ولطفه؛ فعطفه يقيك ما تحذره، ولطفه يرضيك بما يُقدره.