د.شريف بن محمد الأتربي
بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- أُطلقت المملكة العربية السعودية رؤيتها 2030، وهي رؤية سمو ولي العهد لمستقبل هذا الوطن العظيم، والتي تسعى لاستثمار مكامن قوة هذا الوطن؛ من موقع استراتيجي متميز، واقتصاد قوي، وعمق عربيّ وإسلاميّ، وعلاقات متوازنة مع كافة الأطراف الإقليمية والعالمية، وتُرجمت الرؤية إلى أهداف استراتيجية لتمكين التنفيذ الفعال من خلال برامج تحقيق الرؤية.
ومن ضمن هذه البرامج؛ «برنامج جودة الحياة»، الذي أُطلق في عام 2018م، لتحسين جودة حياة سكان وزوّار المملكة، وذلك عبر بناء وتطوير البيئة اللازمة لاستحداث خيارات أكثر حيوية تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، وتزيد تفاعل المواطنين والمقيمين مع المجتمع.
وهو برنامج يُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تُعزّز مشاركة المواطن والمقيم والزائر في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية والأنماط الأخرى الملائمة التي تسهم في تعزيز جودة الحياة، وتوليد الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية.
أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إطلاق شركة «داون تاون السعودية»، ضمن سلسلة المشاريع العملاقة التي أطلقتها وستطلقها المملكة. والمشروع العملاق هو مشروع استثماري على نطاق كبير جداً، تزيد تكلفته عن بليون دولار أمريكي، ويجذب الكثير من اهتمام الرأي العام بسبب تأثيره الكبير على جماعة مشتركة أو بيئة طبيعية أو ميزانية دولة.
تهدف شركة «داون تاون» إلى إنشاء وتطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة ومتنوعة في أنحاء المملكة، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس».
وستسهم الشركة في تطوير البنية التحتية للمدن، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص والمستثمرين، وذلك عبر تقديم العديد من الفرص الاستثمارية الجديدة في قطاعات الأعمال والتسوق، والسياحة، والترفيه، والإسكان.
وستطلق «داون تاون السعودية» مشاريعها في 12 مدينة وهي: المدينة المنورة، الخُبر، الأحساء، بريدة، نجران، جيزان، حائل، الباحة، عرعر، الطائف، دومة الجندل، وتبوك. حيث تنوي العمل على تطوير أكثر من 10 ملايين متر مربع لمشاريعها المصممة وفق الطابع الحديث والمُستمد من روح مناطق المملكة وثقافتها، ونسيجها العمراني المحلي، مع مراعاة تطبيق أحدث المعايير المعتمدة.
والداون تاون أو وسط البلد، هو مصطلح يستخدم في المقام الأول في أمريكا الشمالية من قبل المتحدثين باللغة الإنجليزية للإشارة إلى المدينة التجارية والثقافية في بعض الأحيان، وفي كثير من الأحيان القلب التاريخي والسياسي والجغرافي. غالبًا ما يكون مرادفًا لمنطقة الأعمال المركزية (CBD). عادة ما تحتوي وسط البلد على نسبة صغيرة من العمالة في المدينة. في بعض المناطق الحضرية تتميز بمجموعة من المباني الشاهقة والمؤسسات الثقافية وتقارب خطوط السكك الحديدية والحافلات. في اللغة الإنجليزية البريطانية، غالبًا ما يستخدم مصطلح «مركز المدينة» بدلاً من ذلك.
ويمثل إطلاق «داون تاون السعودية»، نقلة نوعية وحضارية كبرى في تطوير مدن ومناطق المملكة، توفر فرصا استثمارية كثيرة للمستثمرين في قطاعات الأعمال والتسوق والسياحة والضيافة والترفيه والإسكان، كما ستسهم في تطوير البنى التحتية للمدن المختارة.
إن الأهمية الاقتصادية لهذه الشركة تكمن في منظومة الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وتشير في مجملها إلى إيجاد محركات اقتصادية تعمل بشكل إيجابي على زيادة نمو الناتج المحلي غير النفطي بمشاركة معظم مناطق ومدن المملكة. وسيكون مردود ذلك إحداث تحولات جذرية وعميقة الأثر في زيادة جاذبية هذه المناطق وتعزيز مساهمتها في تنويع الاقتصاد وزيادة تنافسيته.
وتوفر الشركة آليات مبتكرة للشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لإنشاء وإدارة وتشغيل الوجهات والمنشآت السياحية طبقا للمعايير العالمية التي ستنفذ على أساسها هذه المشاريع، مع دعم مصادر التمويل، في ضمان نجاح هذا التوجه وتميزه، وتحقيق أهداف الدولة من إيجاد وجهات معمارية وسياحية عالمية، وتوفير الفرص الاستثمارية في العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، وزيادة فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وإيجاد شركات تطوير عقاري متخصصة ومتطورة وقوية يمكن أن تصدر منتجاتها وخدماتها إلى الخارج، وبالتالي تحسين الناتج والدخل.
ويعد إطلاق شركة «داون تاون السعودية» امتداداً وتأكيداً لجهود سمو ولي العهد لتطوير مناطق المملكة بما ينسجم مع ما تتمتع به كل منطقة من مزايا نسبية وتنافسية، وذلك إيماناً بالدور الفعال الذي تقوم به اقتصاديات المُدن في دعم وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وتتماشى استراتيجية الشركة مع جهود صندوق الاستثمارات العامة في تطوير وتمكين القطاعات الواعدة في السعودية، والمساهمة في تحقيق مستهدفات الصندوق لتنويع الاقتصاد السعودي وزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.