خالد بن حمد المالك
أخطأت الولايات المتحدة الأمريكية بالاتهامات التي ساقتها ووجهتها للمملكة العربية السعوية، ولا مجال لتصحيح هذا الخطأ إلا باعتذار أمريكي صريح على سوء فهم الإدارة الأمريكية لقرار أوبك بلس بتخفيض الإنتاج من النفط بمقدار مليوني برميل يومياً.
**
فأوبك 23 دولة، وليست دولة واحدة حتى توجه واشنطن اتهاماتها للرياض، وتصفه كما لو أنه قرار سعودي، وبالتالي على أنه اصطفاف من المملكة مع روسيا في حربها مع أوكرانيا، ومن ثم فهو ضد أمريكا في موفقها من الحرب.
**
المملكة أوضحت موقفها من التصريحات غير الموزونة التي صدرت من المسؤولين في أمريكا، وفنَّدت بالحقائق كل ما قيل دون وجه حق ضد المملكة، من موقف القوة والحق والسيادة، وتصحيح ما ورد من تفسيرات أمريكيا لقرار أوبك بلس بشكل مسيَّس، بما في ذلك مطالبة الإدارة الأمريكية بتأجيل إصدار هذا القرار إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية النصفية وهو ما تم رفضه.
**
وجاءت ردود الفعل المتضامنة مع المملكة ضد تصريحات الإدارة الأمريكية على المستوى العربي والدولي، لتؤكد سلامة الموقف السعودي، خصوصًا أن غالبية من أعضاء تحالف أوبك بلس كانوا من أنكروا على واشنطن تقصُّدها للمملكة دون غيرها في تحميلها مسؤولية هذا القرار.
**
وكل من له دراية ولو متواضعة عن سوق النفط وتقلباته، يتفهَّم القرار، وأن الهدف منه السيطرة على اضطراب أسعار هذه السلعة الإستراتيجية لصالح المنتجين والمستهلكين، وأنه يصبُّ في مصلحة الاقتصاد العالمي، ويستفيد منه الجميع، ويحمي الكل من أي أضرار.
**
لكن الولايات المتحدة الأمريكية لها رأي آخر، لا يأخذ بالحسبان غير مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يعطي مثل هذا القرار أهميته إلا حين يلامس المصالح الضيقة لأمريكا، بصرف النظر عن أنه نال إجماع 23 دولة منتجة للنفط، وأنه تم وفق قراءة للسوق، وتنبؤ بما سيكون عليه السوق من ضرر على الجميع فيما لو استمر دون الأخذ بقرار هذا التخفيض المحدود.
**
ومن مصلحة العلاقة السعودية - الأمريكية والعالم كله أن تتخلى واشنطن عن هذا الاحتقان، وتترك مسافة كبيرة للحوار والنقاش، وصولاً إلى تقبل القرارات والمواقف التي تلبي مصلحة الجميع وعدم التسرع في إنكار أي موقف، خصوصًا حين يكون لهذا الموقف أو ذاك نصيبه من الإجماع الدولي.
**
المملكة تتمسَّك بعلاقاتها التاريخية في مجالاتها السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية، وتلتزم بالمواقف التي تجذر هذه العلاقات، وتأخذها إلى المواقع الأكثر ازدهاراً ونمواً وتوسعاً، وفي المقابل فهي ترفض الضغوطات والإملاءات والمواقف الأمريكية التي لا يكون لها نصيب في مراعاة مصلحة الجانبين.
**
لهذا نتمنى من الإدارة أن تتسلح بالواقعية والحكمة في أي تعامل مع المملكة، وأن تحترم العلاقات الثنائية كما تفعل الرياض، لأن أي خروج عن مرتكزات هذه العلاقة التي بُنيت عليها سوف لن يصب في مصلحة الطرفين، ولا في دول المنطقة فضلاً عن دول العالم.
**
وما نتمناه أن تهدأ الإدارة الأمريكية، وتراجع مواقفها من هذا القرار، وما سبق من قرارات خلقت أجواءً مشحونة، وفتوراً أحياناً في التواصل بين الحكومتين، لأن أي توتر للعلاقات أياً كانت أسبابها تعقِّد الحلول، ونؤزم المواقف، وهذا ما يجب أن تدركه وتتفهمه أمريكا قبل فوات الأوان.