خالد بن عبدالكريم الجاسر
المناقشة والحوار البناء في إطار شوري صحي يُظهرُ الصواب والرأي الحق، وتتقارب فيه وجهات النظر وفق شريعة وسطية، اعتمدت عليها المملكة منذ نشأتها في دستور صاغهُ كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، مُعززاً مبدأ الشورى، أركان دولة قويمة تأسست عام 1727م، وتوحدت على يدي الملك عبد العزيز -رحمه الله-، أي مُنذ ما يزيد على تسعين عاماً، ولا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فهي أمر يفجّر الطاقات الكامنة في أفراد تلك الأمة وشبابها الذين هُم عماد مستقبلها، ممن لا يخلو خطاب ملكي إلا ويكونون في طليعة كلمات ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في افتتاح أعمال السنة (3) من الدورة (8) لمجلس الشورى لعام 1444هـ، لما للمجلس الدور البارز في مسيرة إصلاحية متكاملة من خلال سلطاته كأحد أهم المؤسسات التنظيمية والرقابية المهمة في المملكة والمُكون الرئيس في صناعة القرار، وما بلغ به الوطن من مكانة ومنزلة فخر بين الأمم نفتخر بها جميعاً قيادةً وشعباً إلا من إرساء مبدأ الشورى ودعم ركائز السلم والاستقرار وتحقيق العدل، من خلال القرارات الرشيدة التي تسهم في الارتقاء بأداء الأجهزة الحكومية ومؤسساتها، وتطوير الأنظمة وتحديثها.
لقد وصلت السعودية للريادة العالمية، والتنافسية والمؤشرات الدولية، التي حملت معها الجينات السعودية في كافة مشاريعها حتى ارتبط معها شعار (صُنع في السعودية)، لتصنع في مجملها بصمة تاريخية ثقافية اجتماعية، ومقومات سياسية واقتصادية قادت العالم وكباره في مجموعة العشرين وعواصف الوباء المرير، لتتربع بعد كل التحديات بقوة اقتصادية وميزانيات تريليونية 2023 هي الثالثة منذ عواصف 2019م، لتنعكس على جودة حياة المواطن بعد عدد من الإصلاحات التي حاربت وقطعت دابر الفاسدين من الوطن ولا زالت تُكافح شياطينهم، لتخلق جواً من الحياة المتنوعة في اقتصادها بعيداً عن النفط ومصدره الأوحد، واستغلال كافة المقومات التي وهبها الله للمملكة وأراضيها، لتخرج المشاريع الخلاقة هنا وهناك حتى صارت مقاصدَ إلى بناء دولة عصرية، ووجهة للمستثمرين ومقراً للشركات الإقليمية، ناهيك عن أنها قبلة العالم الإسلامي، التي نقلت المملكة بخدمة ضيوف بيوت الله في الحرمين الشريفين والعمل على توسعتهما وفتح أبواب التأشيرات حتى يصل العدد في رؤيتنا 2030 إلى أكثر ممن 30 مليون معتمر.
للمملكة في كُل الأوقات وكافة الدوائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيدين الإقليمي والدولي، مكانة لا تحظى بها دولة، كونها كبيرة وأُمة محورية تقود العالم ولا تُقاد في أحلك ظروفه وليست الجائحة ببعيدة فقد خرجت بالبشرية لبر الأمان من جائحة أرهقت وأغلقت حدود الدول، وحاربت الإرهاب هنا وهناك، ولولا الله ثم التحالف العربي لكانت اليمن كمثل العراق وسوريا ولبنان.