د.حماد الثقفي
الشورى من قواعد الحكم في الإسلام، رغم أنها قديمة، حيثُ مجلس القبيلة المنتخب، وتجلِّيات سيادة الشُّورى فيها. وينقل الآلوسي في كتابه: «بلوغ الأرب» عن الجاحظ قوله: «كان أهلُ الجاهلية لا يسوِّدون إلَّا مَنْ تكاملتْ فيه سِتُّ خصالٍ: السَّخاءُ، والنَّجْدَةُ، والصَّبرُ، والحِلْمُ، والتَّواضع، والبيان». ولهذا لبيان الدور الشوري بالمملكة كان خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في افتتاح أعمال السنة (3) من الدورة (8) لمجلس الشورى لعام 1444هـ، وإبراز أن دستور المملكة العربية السعودية هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر)، منذ التأسيس العظيم للدولة أي ما يزيد على تسعين عاماً، لنفتخر ونتباهى بذلك جميعًا قيادةً وشعباً لتزدان برؤية 2030.
فإخضاع أيِّ مشكلةٍ للتداول الشوري الحر يجعل أهل الشورى يرونها من زوايا واتجاهات متباينة متقاطعة، لتظهر الصور بوضوح واقتراح الحلول، ولا يوجد ذلك إلا في جماعة متوحدة، ولعل هذا ما عبَّر عنه بلغة مختلفة الخليفةُ الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ قال: الرأيُ كالخيطِ السحيلِ، والرأيانِ كالخيطين المُبْرَمَيْنِ، والثلاثة مرارٍ لا يكاد ينتقض.
لقد وصلت دولتنا الحكيمة للريادة العالمية في المجالات كافة ولأرقى مراتب التنافسية والمؤشرات الدولية، بأيدٍ سعودية خالصة، وما كان ذلك إلا بفضل من الله والالتفاف حول قادتنا بالرأي والمشورة السديدة التي يعرفها عنا العالم، لتصنع بصمة سعودية في التاريخ الدولي ومقوماتها الزاخرة سياسياً واقتصادياً قادت العالم في g20، أيام الجائحة، وساندت الدول في ديونها وناصرت الإنسانية بتبرعاتها وخدمات اللقاحات التي عجز عنها كبار دول العالم -ولله الحمد- فتحت بلدنا أبوابها أمام الشركات لتكون ملتقى ومقر الشركات الإقليمية والاستثمارات الخارجية، فهي موطن القادات ومجمع القمم والمبادرات لتخلق جواً من الحياة المتنوعة في اقتصادها بمشاريع خلاقة حتى صارت مقاصداً إلى بناء دولة عصرية، لها مكانة لا تحظى بها دولة، فحاربت الإرهاب، ومنعته في اليمن وكثير من الدول حيث ألاعيب إيران واستفزازاتها النووية والإرهابية وتدخلاتها بمليشياتها في الدول العربية كافة كالعراق وسوريا ولبنان.
إن المملكة بها كفاءات متنوعة تجمع بين الخبرات الإدارية المتراكمة والمعرفة العلمية المتخصصة في عالم الشورى عبر مئة وخمسين عضواً، هم أبناء المملكة، ومن مختلف شرائح المجتمع.. له أثر ودور كبيران في تاريخ العمل الحياتي بوطنهم ودور المجلس في الأمن والسلم الدوليين ومحاربة الفساد والإرهاب، وغير ذلك من مجالات هي أعظم إنجازات أرست جودة الحياة والأمن والاستقرار.