فهد عبدالله الغانم السبيعي
دعا مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية بتاريخ 22 ربيع الأول 1444هـ - 18 أكتوبر 2022م. والتي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيَّده الله - المجتمع الدولي إلى تصنيف ميليشيا الحوثي (جماعة إرهابية) ومقاطعتها وتجفيف منابع تمويلها. إن مجلسنا الموقر محق في تلك الدعوى لما تمثِّله هذه الجماعة من خطر على الأمن والسلم سواء في اليمن الشقيق أو على الدول المجاورة له.
فلا بد من محاسبة هذا السرطان الذي سرى في شريان الدولة، ثم انتهك سيادتها واحتل بقوة السلاح أراضيها، وخصوصاً العاصمة (صنعاء) وتم ذلك في أيلول من عام 2014م. وبلا شك أن هذه الجماعة المارقة أصبحت قاب قوسين أو أدنى بدخولها إلى تصنيف الإرهاب رسمياً لممارساتها الرعناء.
دأبت هذه الجماعة منذ وقت مبكر على السير عكس الدولة والدخول معها في 6 حروب طاحنة أكلت الأخضر واليابس، والهدف من وراء ذلك سقوط الدولة والسيطرة على مفاصلها بشكل تام، فمنذ عام 2004م وحتى عام 2011م والكر والفر بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي لم يتوقف بتاتاً، ومضت ثماني سنوات على حركة الانقلابيين على الحكومة اليمنية. وليس ذلك فقط ولكن تداعيات ذلك على اليمن واليمنيين بسبب تمرد هؤلاء، فقتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين من مناطق الصراع، ثم أوجدت أسوأ أزمة إنسانية في العالم في حرب تدار بالوكالة.
إن التدخل الإيراني في الشأن اليمني والاصطفاف مع هذه الجماعة الإرهابية هو ممارسة ما دأبت عليه هذه الدولة في أكثر من دولة عربية دعمتها بالمال والسلاح وبالخبراء وبالطائرات المسيرة من أجل أمرين قتل الشعب اليمني، وتهديد جيرانه.
لقد أذكت إيران نيران الحرب هناك مراراً وتكراراً بكل ما تملك من قوة. لكنها (أي إيران) اليوم تواجه مأزقاً في الشأن الداخلي والمظاهرات العارمة في أغلب مدنها، كما أنها لم تحظ باتفاق نووي وربما يكون صعب المنال في الوقت الحاضر، دون تقديم تنازلات للدول الراعية له وخصوصاً بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وبدأت هذه الدولة المارقة تفقد نفوذها شيئاً فشيئاً بعد أن كانت تتفاخر يوماً من الأيام بأنها تحتل أربع عواصم عربية.
الهدنة وما أدراك ما الهدنة؟ بعد سريان الأولى، وتم تمديد الثانية ومرت بسلام. قامت الجماعة برفض التمديد لها مرة أخرى، وللمعلومية أن أي اتفاق لتمديد المهلة الحالية لن يؤتي ثماره إلا إذا التزمت هذه الجماعة ببنودها واحترمت قوانينها بدون خروقات أو تجاوزات هنا أو هناك.
هذه جماعة إرهابية ليس لها ذمة ولا ضمير، وتمارس التضليل والكذب وكذلك اللف والدوران وتنفيذ تعليمات من جهات خارجية لا تريد لليمن ولا لليمنيين خيراً.
استمرار الهدنة وتطبيقها هو في مصلحة اليمن عموماً وهذا الأمر لا يلغي فكرة إنهاء الحرب الدامية. لكن من الملاحظ على جماعة الحوثي الإرهابية أنها تنحدر إلى عالم فوضوي هو أكثر ظلمة واختلالاً؟! فرغم سيطرتهم على أماكن محدودة من البلاد إلا أنهم رغم ذلك لم يعيدوا لها النظام ولا الهدوء المعتاد.
هناك مسائل عالقة وأمور غير مستساغة وتداعيات يقوم بها الحوثي، فهو لا يحترم حقوق الإنسان، ويسرق رواتب موظفي الدولة، وكذلك المشتقات النفطية، وينهب الغنائم في الحرب وغيرها، ويمارس القتل والترويع لإرهاب المواطنين في المناطق التي احتلوها عنوة. هؤلاء خارجين منذ وقت مبكر عن القوانين الدولية والأعراف الإنسانية وينتهكونها. يقصفون المنشآت النفطية ويهددون مستقبل الطاقة، وكذلك البنية التحتية للدول المجاورة. ويهددون سلامة الممرات البحرية، ومن قبل ومن بعد يقومون أيضاً بعرقلة وإفشال كل محاولات الحل السياسي للأزمة اليمنية، وأخيراً التعنت ضد تمديد الهدنة رغم انقضاء أسبوعين على انتهائها.
صدر ضدهم إدانات وقرارات دولية تدين ممارساتهم في الداخل اليمني وفي الخارج وكان هناك قرار تاريخي أصدره مجلس الأمن تحت الفصل السابع، اعتمد مجلس الأمن، في مارس الماضي 2022م وحمل الرقم (2624)، قرارا يصف جماعة الحوثيين بـ»جماعة إرهابية».
عموماً يجب القول أن لا ينتظر من هذه الجماعة موافقة على تمديد الهدنة، ولا فتح الطرقات، ولا صيانة الخزان صافر، وكذلك السماح للمنظمات الإنسانية بممارسة العمل بكل حرية، ولكن المنتظر هو عندما تتجه الأنظار إلى قرار من المجتمع الدولي لتدشين هذه الجماعة كعضو (إرهابي) جديد وتجفيف منابع تمويله؟