أحمد المغلوث
قبل 9 سنوات كنت مع أفراد العائلة في زيارة للابن فيصل والذي كان يعمل حينها في مكتب شركة سابك بمدينة كيب تاون. وأصابتنا الدهشة ونحن نشاهد هذه المدينة الفاتنة وكونها تُعد من أعرق مدن جنوب إفريقيا بل من أجملها على الإطلاق وتشكّل مزارع العنب المنتشرة فيها إحدى العلامات الزراعية والاقتصادية للمدينة إضافة إلى كونها تتميز بكل عناصر الجذب السياحي من أنشطة فنية وطبيعية واقتصادية وتضم المدينة جزيرة «روبن» التي اشتهرت بسجنها الشهير والذي سجن فيه الرئيس «نيلسون مانديلا «.
وخلال جولتنا على منحدرات جبل الطاولة شعرنا جميعاً بالبرد على الرغم من كل الإجراءات الاحتياطية والملابس الثقيلة المقاومة لأي ظروف جوية مفاجئة ولمزيد من الدفء كانت المشروبات الساخنة خير رفيقٍ لنا. كل التفاصيل كانت ممتعة وجميلة ولا أنسى مشهد طيور النورس وهي تتقافز أمامنا والبعض الآخر منها أكثر جرأة فكانت لاتتردد من أن تحط على طاولتنا وطاولات من هم بجوارنا وخطف ماتستطيع خطفه من طعام على أصوات صراخ الأطفال وضحكات الأمهات والآباء وهم يشاهدون ذلك بل هناك طيور كانت بسرعة صاروخية تهبط من السماء لتخطف من البحر سمكة في مشهد درامي مثير فسبحان الله الذي سخر لها طعامها بهذه الطريقة المدهشة.
وخلال جولتنا في أسواق كيب تاون دهشنا من تلك الصناعات المحلية المختلفة والدقيقة وكان يشرح لنا الابن فيصل تطور الصناعة في هذه الجمهوية الإفريقية والتي باتت ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا. وهو الاقتصاد الأكثر تصنيعًا وتطورًا وتنوعًا من الناحية التكنولوجية في القارة الإفريقية. ما إن انتهت زيارتنا لهذه الدولة حتى أمسينا نحلم بأن نرى السعودية تحذو هذا الحذو من ناحية التعدد في الصناعات والنمو الاقتصادي اللافت. وأنا أشاهد اليوم إطلاق سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان آل سعود للاستراتيجية الوطنية للصناعة لم يعد الحلم خيالًا إنما واقع نعيشه.
تهدف الاستراتيجية للوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار ويسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، حيث أشار ولي العهد في حديثه «لدينا جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام من مواهب شابة طموحة وموقع جغرافي متميز وموارد طبيعية غنية وشركات صناعية وطنية رائدة ومن خلال الإستراتيجية الوطنية للصناعة وبالشراكة مع القطاع الخاص ستصبح المملكة قوة اقتصادية رائدة تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية وتصدر المنتجات عالية التقنية في العالم».
وتزامن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة مع زيارة فخامة رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا للمملكة وتخللت الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات بين المملكة وجنوب إفريقيا والتي تمثلت في تعزيز التعاون في مجال الهيدروجين والابتكار والتقنيات النظيفة لإدارة انبعاثات الموارد الهيدروكربونية والعمل على توطين منتجات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها وتطوير المشروعات ذات العلاقة كما امتدت لتشمل جوانب الصحة والتعليم والزراعة والصناعات الغذائية. هذا التعاون بين الدولتين من شأنه أن يحقق تطلعات رؤية المملكة والاستفادة من تجارب الدول الرائدة بما يتماشى مع أحلامنا وتطلعاتنا.
وماذا بعد « صنع في السعودية : بات واقعاً نفخر ونتباهى ونعتز به في الداخل والخارج. شكراً وطني.